رأي قلمي

حتى وإن اختلفنا...!

تصغير
تكبير

تعرفنا في مقال سابق كيف نتقبل الاختلاف في الميول والأذواق، وذكرنا في الختام: سنتعرف لاحقاً على قواعد في التعامل مع الاختلاف. وسنذكر بعض القواعد التي تكون بمثابة إسعافات أولية تسعفنا في المواقف والأحداث اليومية.
قال الله تعالى: «يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد». فلننظر إلى التشابه الواسع على أنه نتيجة جهل يعانيه الناس أو قهر يتعرضون له على مذهب فرعون، كما أننا لا بد أن ننظر إلى الاختلاف على أنه شيء طبيعي، فحين نتنكر للتنوع فهذا يعني أننا نهيئ الأجواء للصراع والاستبداد والظلم، وهذا مناف للبنيان الحضاري الذي نسعى إلى تأسيسه، كما أنه مناف لتعاليم ديننا الحنيف.
إن الإحسان إلى المختلف ينزع من نفسه تداعيات ومقتضيات الاختلاف، ومن القواعد المهمة في التعامل مع الاختلاف الحوار ثم الحوار ثم الحوار والقدرة على الاستماع إلى المختلف عنا وهذا من الأمور الضرورية لبناء الفهم والموقف المشترك، من الضروري جداً التعامل مع المختلفين معنا وعنا من المعتدلين، وليس مع الغلاة والمتطرفين، فهؤلاء يدمرون كل قواعد الوفاق والاتفاق، ولا يصرفنا عن الوحدة الإنسانية المتوارية والقائمة على وحدة الأصل والطبيعة والحاجات الإنسانية، الاختلاف على مستوى الشكل واللون والنسب والعرق.


إن الاختلاف الإيجابي هو الاختلاف الذي يعلّم الناس كيف يتعلمون من بعضهم، وكيف يتعاذرون، وكيف يعملون على بناء الحياة المشتركة؟!.
اتهام النفس وحسن الظن بالآخر من أرقى وأنبل مسالك حسن التعامل مع الاختلاف، وعند التعامل مع التنوع فليكن دائماً وأبداً شعارنا هو: من حقي أن أختلف معك مثل ما أن منحقك أن تختلف معي. الاختلاف في الفروع والجزئيات مصدر ثراء، أما الاختلاف في الأصول والكليات، فقد يكون سبباً في إشعال الفتن والحروب، ولهذا فإن من واجبنا جميعاً أن نعزز التوافق في الأصول والقواعد الكبرى، ولا بد من الإيمان بأن الحقائق قابلة للرؤية والتفسير من زوايا مختلفة، وليس تفسيري دائماً هوالتفسير الأصح والأفضل.
عرضنا بعض القواعد في التعامل مع الاختلاف على سبيل الذكر لا الحصر، فلنجتهد في التعامل مع التنوع، ونصغر فجوة الاختلاف على قدر المستطاع، لنعيش حياة مستقرة مطمئنة حتى وإن اختلفنا.

m.alwohib@gmail.com
‏mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي