No Script

خواطر قلم

دخان في قصر العدل!

تصغير
تكبير

يبدأ الخلل بكسر أي قانون من أفراد معدودين فيستهين مَن حولهم بمخالفاتهم إما تهويناً منها أو مجاملة لأصحابها، ثم تتوالى المخالفات من المحيطين والقريبين، ثم تكون الجرأة في المجاهرة بذلك إلى أن يتكيّف المجتمع مع المخالفات بمستوياتها.
الكل يعرف قانون منع التدخين في الأماكن العامة، ولا يخفى على أحد مدى الإيذاء الصحي والنفسي الذي يلحق بغير المدخنين، وحتى الرائحة الكريهة التي تعلق بأثواب الذين تجمعهم الأماكن العامة، التي لا يراعي فيها المدخنون الذوق ولا القانون.
رأيت التدخين في قطاعات عديدة في وزارة الداخلية وبكل جرأة، فقلت في نفسي كيف ينجح تطبيق القانون وتكون له هيبة إذا كان بعض منفذيه هم من يجاهر بمخالفته وفي مقر عملهم الرسمي!
لكن العجب ازداد عندما رأيت ذلك في قصر العدل...!
ولا تسأل بعد ذلك عن هوية المدخن وجنسيته، وافد أم مواطن، فالمخالفة لا قومية لها ولا عِرق، بل مخالفة المواطن أدهى وأمرّ، لأنه يمنح غيره ترخيصاً في مشاركته المخالفة.
ولعل من الحيل النفسية والمغالطات المنطقية التي يلجأ إليها المتلبسون بالخروج على القوانين أو جماهير السلبيين من المواطنين، هي المقارنة بين انتهاكات كبيرة للقانون يرتكبها متنفذون من مسؤولين في الدولة والمال والأعمال والسياسة (مثل نهب المال العام)، وبين ما يرونه تافهاً من الممارسات اليومية العامة كالتدخين في الأماكن العامة.
ويكون دوماً الرد «شايفين التدخين ومو شايفين نهب المال العام وشراء الذمم في المناقصات وخراب الطرق والسرقة باسم عمولات الطائرات والأسلحة وتزوير الجنسية والفساد في الإنشاءات وفساد التعليم وتراجع الخدمات الصحية وواقفين لنا على التدخين»؟!
من قال لإننا لا نرى ذلك كله بل وما هو أكثر منه، وقد نبهنا مراراً وتكراراً على ما يصلنا ونتأكد من وجوده في كل أوجه الفساد، ونتواصل مع من نظن فيهم الخير من المسؤولين للمساهمة في معالجة هذه الظواهر التي تنخر بالمجتمع.
لكن وجود كل هذا الكم من الخراب لا يمنحك حق مخالفة القانون وإيذاء الناس، وأنت جالس في مكان عام مخصص لمراجعة العموم.
صاحب المخالفة الصغيرة والفساد البسيط لديه القابلية أن يخالف بما هو أكبر، وأن ينضم إلى حيتان الفساد الأكبر لو أتيحت له الفرصة.
كلنا مسؤولون عن معالجة الخطأ العام، ومتى ما ابتدأنا بأنفسنا، سهل علينا معالجته عند الآخرين ومنعهم من فعله، وحال السلبية التي يتعاطاها غالبية الناس وعدم تنبيه المخطئ على خطأه صغيراً كان أو كبيراً وعدم اتخاذ مواقف رادعة هو الذي يدفع المخطئ إلى التمادي في الخطأ، ثم يكون بلاءً عاماً يصعب تغييره وتكون كلفة معالجته باهظة جداً في حق الوطن.
آمل من الجميع أن يبادروا بالإصلاح، مسؤولين ومواطنين، حفاظاً على الكويت الدولة والوطن والكيان، كي لا نندم مستقبلاً... ومعظم النار من مستصغر الشرر.

@mh_awadi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي