شكرا لوسائل التواصل الاجتماعي التي أوصلتنا لمعرفة «وين واصلين العالم»، فعبرها شاهدنا بالصوت والصورة كيف يحتفل الكويتيون بعيد «القرع» والمقصود بالقرع تلك الثمرة اللذيذة التي نصنع منها الشوربة اللذيذة ونحشوها بالأرز والمكسرات ونضيفها للتشريبة (الثريد) في رمضان، والقرع مرادف الصلع الذي يعانيه القرعان منذ زمن «اقرع اقيرع طاح بالطاسة»، و«القرعة تتباهى بشعر بنت اختها»، وإن كان الواقع أقرع فالقرع صفة وليس اسماً لغذاء لذيذ، فالأوضاع المريرة حولها تبتعد عن اللذة بل هي لا تسمن ولا تغني من جوع!
أطلت المقدمة، مترددة، كي أحسم موقفي، هل أنا مع «الهالوين» أم ضده، فاكتشفت أن لا علاقة لي أساساً بـ«الهالوين»، لا أنا، ولا جيش المتهلونين، الذين أوشكوا أن يصلوا بهالوينهم إلى «يا هويلة تهولي»، وبعيداً عن أصوله وطقوسه الحالية التي ابتعدت عن جذوره وتغربت، نعم تغربت، فحتى الغرب يتغرب، من الاغتراب والغربة وليس من الغرب، فكلنا في الهم شرق وغرب وأغراب، بفضل الأمركة - نسبة إلى الأمريكان - الذين علمنوا (من العلمانية) احتفالات «الهالوين» وجعلوها تظاهرة ثقافية لا ظاهرة دينية، فاعترضنا أكثر لأننا ضد الثقافة برمتها، وهكذا نشأ لدينا جيل الضد، أو لنقل ضد الضد، الذين تقنعوا وارتدوا وجوهاً مرعبة واحتفلوا وصرخوا في وجه المنع بالمزيد من العناد لكسر الروتين بدل الانكسار، والنتيجة: بات بعضنا ضد بعضنا الآخر والضد يظهر عنده (من العناد) الضد، ما نتج عندنا تكويت «هالوين» بصورة مسخ غلب عليها التقليد الأعمى و«يا شين شي ما شابه أهله»، فنتيجة الأقنعة المرعبة تدعو للسخرية بدلاً من هدفها المفترض من الخوف والهلع.
هل أدلكم على شيء أكثر رعباً من «الهالوين»: انزعوا أقنعتكم التي من فرط إخلاصها لملامحكم باتت هي وجوهكم كما قالت بثينة العيسى، ليس ثمة ما يثير الرعب سوى وجوهكم الحقيقية خلف أقنعتكم لتجيب عن سؤال القذافي الشهير: من أنتم؟