تتذكرون شجرة الزيتون التي لفظت أنفاسها في الكويت قبل أيام؟ أخذوها إلى بلاد الشام فأزهرت وأثمرت!
ثمة بيئة قاتلة وبيئة تبعث الحياة، مثلما هناك «حب يرفعك سما وحب يقطك قاع»، أو كما قال الشاعر المصري فاروق جويدة: أمات الحب عشاقاً وحبك أنت أحياني.
هناك من يعتقد أن بإمكانه احتكار ضوء الشمس وموج البحار وهبوب الرياح، وتدمير البلاد وقطع أرزاق العباد ولو صح له قطع رقابهم أيضاً، فقط لأنه امتلك من السلطة قليلاً و«سبحان الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء».
يحفل التاريخ الحديث بطغاة انتهى مصيرهم بالسجون التي زجوا بها شعوبهم، و«تلك الأيام نداولها بين الناس»، وكما شهدنا الكثير من الحالات التي بلغ بها الإحباط في عملها حد تركه، فعادت إلى قمته لأن وحدها القمة تليق بها!
وعلى سبيل العنصرية النسوية، سأستشهد بنموذجين نسائيين، الزميلة إقبال الأحمد رئيس التحرير السابق لوكالة الأنباء الكويتية، والرئيس التنفيذي السابق للخطوط الجوية الكويتية رشا الرومي، اللتين غادرتا قاعدة عملهما محبطتين ثم عادتا إلى رأس قمته عودة المنتصر.
عند تعيين إقبال الأحمد كأول رئيس تحرير وكالة أنباء عربية، كتبت رئيسة مجلس إدارة جمعية الصحافيين فاطمة حسين مقالاً تتحدث عن المرات الكثيرة التي منعتها من تقديم استقالتها، خلال فترات الإحباط التي اعترضتها ودفعتها لتبدع في إصدار مجلتها البيت المثالي، كحدث أول من نوعه وعينت نفسها رئيس تحرير قبل أن يعينها أحد!
ولم تكن الرومي أكثر حظاً ولا أقل ابداعاً فعملت كسيدة أعمال في مجالات أكثر نجاحاً من بطء الذي قد تشهده المسيرة المهنية، وأطلقت إبداعاتها كلما تأخرت لها ترقية رسمت لوحة أو أقامت معرضاً.
كثرة الظلم تؤدي إلى الإبداع، وأحيانا الإجرام، لكن النساء عموماً أكثر إبداعا وأقل إجراماً وأشد ظلماً، في ما يقع عليهن في الوظائف العامة وسوق العمل، ويكفي أن نلقي نظرة على نسبتهن في الوظائف العامة، ونسبتهن في الوظائف القيادية!
يسعى الرجل إلى الزواج بأربع لوفرة النساء، لكن الحكومة الرشيدة والمجلس الموقر لا يكاد يزخر إلا بوجود نسائي وحيد لذر الرماد في العيون، هذا إن وجد ويلقي الرجال بشماعة ظلم المرأة على المرأة، وهذا صحيح لكنه كثيراً ما يكون بسبب الرجل أو بتحريض منه!
وكالة أنباء وناقل وطني... وصلت النساء إلى قمتهما، بعد أن بخست حقوقهن في قاعدتهما، وهذا مثال لا حصر فحولنا كثيرات يعانين يومياً حتى إذا ما انفجرن وغادرن عُدن إلى القمة من فوق لأن القمم تليق بهن.
في داخلنا إبداعات لا حدود لها، مهما بلغ الظلم حولنا منتهاه، القمة تنتظر وقبل أن نموت سنزهر ونثمر متى عثرنا على بيئتنا الخصبة فالزيتونة ليست أفضل منا.