رواق

جميلة... وجمال

تصغير
تكبير

توفيت صبيحة يوم الخميس الماضي عن عمر يناهز 84 سنة... المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، وبحسب خبر وفاتها، الذي لم يتصدر وسائل الإعلام على نحو بارز: «تعد الفقيدة من المناضلات القليلات اللواتي واجهن المستعمر الفرنسي، وولدت جميلة من أب جزائري مثقف وأم تونسية من القصبة... وكانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها، فقد أنجبت والدتها 7 شبان، كان لوالدتها التأثير الأكبر في حبها للوطن، فقد كانت أول من زرع فيها حب الوطن وذكرتها بأنها جزائرية لا فرنسية، رغم سنها الصغيرة آنذاك، واصلت جميلة تعليمها المدرسي، ومن ثم التحقت بمعهد للخياطة والتفصيل فقد كانت تهوى تصميم الأزياء».
ويضيف الخبر: «مارست الرقص الكلاسيكي وكانت بارعة في ركوب الخيل، إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية عام 1954، حيث انضمت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي، وهي في العشرين من عمرها، ثم التحقت بصفوف الفدائيين، وكانت أول المتطوعات لزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي، ونظراً لبطولاتها أصبحت المطاردة رقم 1.
تم القبض عليها عام 1957 عندما سقطت على الأرض تنزف دماً، بعد إصابتها برصاصة في الكتف، وألقي القبض عليها وبدأت رحلتها القاسية من التعذيب وجملتها الشهيرة التي قالتها آنذاك: أعرف أنكم ستحكمون عليّ بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة، بعد 3 سنوات من السجن تم ترحيلها إلى فرنسا، وقضت هناك مدة ثلاث سنوات ليطلق سراحها مع بقية زملائها في النضال ضد المستعمر الفرنسي».


الى هنا انتهى الخبر الذي أعاد إلى الذاكرة حقبة من الزمن انشغل بها الكويتيون والكويتيات بالنضال وأبطاله، ففي العام 1962 زارت جميلة الكويت ليتدافع الشعب لاستقبالها، إلى درجة أن ثانوية الشويخ «أوقفت على كل صف شرطياً»، على حسب ما قال الزميل صالح الشايجي، وتمكنت المناضلة الجزائرية أن تجمع التبرعات لرعاية مليون طفل من أبناء الشهداء والمعاقين وأصحاب البيوت، التي دمرتها الحرب في فترة زمنية قصيرة.
أطرقت متأملة زمن كانت فيه جميلة بوحيرد نجمة، مع زمن رحلت فيه بصمت، من دون أن يدري عنها أحد في خضم الانشغال بنجوم جدد (مع الفارق في التقدير والاحترام)، يستقبلهم الشعب في المولات ويتهافت عليهم ملايين المتابعين ويسير خلفهم «بودي جاردات»، مثلما يتنافسون في شراء بضاعتهم التي يروجون لها، وتصبح كلها «سولد أوت»، وبدلاً من أن يعمّروا بيوتاً مدمرة يخرّبون بيوت محدودي الدخل والعقول!
الزمن تغيّر ونجومه تغيّرت - أيضاً- لأن الشعب اهتماماته تغيّرت، وبعدما كان يهتم بجميلة، صارت أقصى اهتماماته بجمال!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي