عشر سنوات مرت على اكتشاف الأميركي بريان أكتون والأوكراني جان كوم، تطبيقاً للتراسل الفوري في الهواتف الذكية في 2009.
وبعد مرور السنوات العشر استطاع هذان الرجلان أن ينسيا العالم في عشر سنين ما عاشه وعايشه لعشرات السنوات، فصار البرنامج الذي يمكن تنزيله اختياريا ككماليات، من أساسيات وضروريات الحياة مثل الماء والهواء، بل وأكثر!
يشكو كثيرون من عدم شربهم المقدار الكافي من الماء، مثلما يشكون من فائض صور و?يديوات «غروبات الأمهات»... هنا ماء وهنا ?يديو... هنا ندرة وهنا وفرة... في أوضح صور كثرة الموارد وسوء التوزيع ما أدى إلى اختلال العالم بأسره.
والبرنامج - الذي أسر العالم - أطلق قيده بعد أن قال كلمته: «انا فاض بيه ومليت» - بغض النظر عن أسباب الخلل الإلكترونية - توقف عن إرسال الصور وال?يديوات و«ال?ويس نوتس» في ما أبقى البقية الباقية، لكن الناس التي تتعامل مع الخدمات الإضافية باعتبارها حقا مكتسبا لم تحتمل الخلل ولو لساعات باعتبار ان «للصبر حدود»!
تراوحت ردود افعال «الواتسابيين» بين المتعاطي الذي ينتظر ان يقضي بجرعة زائدة، والمقامر بكل ماله وهو ينظر الى عجلة الثراء أو الإفلاس، في حين كان «اللاواتسابيين» يشمتون ويشتمون ويدّعون ان الوضع صار أفضل وهم يكذبون!
لم يدم الوضع طويلاً رغم وجود بدائل كثيرة، سرعان ما عاد الوضع للسابق، بعد ان أعطى العالم درساً في أن الناس حين يصلون إلى وجهة ما ينسون الوجهة التي جاؤوا منها ويعتبرون عودتهم إلى جذورهم عقاباً لهم ناسين أن السقوط نهاية الارتفاع ما لم تقف على أرض صلبة.
والأهم اكتشافنا أن كلنا في الختام «واتسابيين» بشكل أو بآخر، بعد ساعات محدودة أتلفت اعصاب وأخلاق العالم، ثم إعادته الى حيث كان، غير عارف أين سيكون، فبعد أن نسي مرحلة ما قبل الواتساب لا يمكن تخيل شكل البديل المستقبلي الذي سينسينا الواتساب وسنينه!
وإلى أن ننسى ما عليّ إلا أن أرسل مقالتي هذه إلى مسؤول الصفحة بالواتساب - الذي نحبه ولا نرضى «إلا برضاه يوم يرضى»- لعل أن تعجب أحداً فيرسلها لغيره عبر الواتساب «ما غيره»، لتلف وتلف ثم تصلني مجدداً في وضع يشبه «غسيل المقالات»، في عالم غرق في شبر واتساب!