رواق

البلد اللي نطّقت البحر!

تصغير
تكبير

صورة وخبر، تصدرا أولى «الراي» وأخيرة «الشرق الأوسط»، الصورة لبحر عشيرج في الكويت يغرق في كوم مخلفات أغلبها من البطيخ، والخبر عن إزالة صناديق القمامة من المراحيض في طوكيو!
تعد طوكيو من أنظف عواصم العالم - إن لم تكن الأنظف - رغم خلوها من صناديق القمامة!
ولدينا صناديق قمامة أمامنا وأخرى خلفنا، وربما سنجدها قريباً في أحضاننا من دون جدوى، فلو أجرينا إحصائية عن نسبة صناديق القمامة للمواطنين لوجدناها ربما تفوق الأربعة لكل مواطن، إلا أن المواطن يفكر خارج الصندوق ويرمي مخلفاته أيضا خارج الصناديق، لثقته بأن ثمة من ينظفها خلفه، ومع ذلك هو يريد تنظيف البلد من الذين ينظفونها متهما إياهم بتوسيخها لأنه من غيرهم أنظف!


نعود إلى طوكيو - التي يلاحظ معظم زوارها عدم وجود صناديق قمامة فيها وسيطرة القائمين على تدوير النفايات - فإن ذهبت إلى مقهى يتم سؤالك إن كنت ستجلس فيه أم تغادره لتأخذ قهوتك معك لتحديد نوع الكوب، ففي الحالة الأولى تحصل على كوب زجاجي يغسل بعدك، ويقدم لغيرك، وفي الحالة الثانية تحصل على كوب ورقي تلقي به بعيداً عن المقهى الذي لا يضع الحاويات لرواده، وعندما تختار الخيار الثاني ستكون مستعدا للخيار الأول، وفوقه استعدادك لغسل كوبك وأكواب رواد المقهى جميعاً، عندما تكتشف أن المهمة أسهل من التخلص من كوب ورقي!
وفي الكويت وعلى سبيل الروتين المعتاد، بعد كل فيلم يلقي رواد السينما أكواب البيبسي والبوب كورن على أرضيات قاعات السينمات، في مشهد أكثر درامية من دراما هوليوود وبوليوود متّحدين، فان طلبت من كويتي تنظيف مكانه سيطلب منك تبليط البحر!
(طبعا الكلام لا تعميم فيه، ولكننا نتكلم في العموميات حسب المعطيات في صورة البحر محل المقال).
ولو كان لدينا مسؤولية اجتماعية حقيقية وحملات علاقات عامة ناجحة، لتهافتت المؤسسات والشركات على تنظيف البحر، مثل تهافتها على التصوير مع الناس المحتاجة، لدى تقديم وجبات الطعام لهم!
والبحر لا يخلو من طعام، فنصفه بطيخ في دلالة رمزية على ديرة البطيخ، أما نصف البحر الآخر - بحسب ما قال رئيس فريق الغوص الكويتي الذي تطوع لمهمة التنظيف - فمن نصيب المجارير التي تصب فيه... «مجارير يا قلب العنا»!
ختاماً لا أرى المقارنة بين طوكيو والكويت في مجال القمامة تحديداً منصفاً لأي من الطرفين اللذين تفصلهما عن بعض سنوات ضوئية، ولكني أتذكر حديثاً للراحل أحمد الربعي عن مواطن ينتقد الفساد في البلدية ويلقي من زجاج نافذة سيارته «صمون فلافل وبطاط ويبديان ومخلل»، في الطريق العام وكيف رد عليه: إن بلدية طوكيو لن تسلم من فساده!
الكويت في سنة 1972 أنتجت فيلماً اسمه «بس يا بحر»، وبعد مرور 47 عاما لو نطق البحر لقال «بس»!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي