أوشكت على الانتهاء من قراءة مذكرات حرير حسين كامل، أو حفيدة صدام، كما أطلقت على كتابها فاخر الطباعة غير المنسوب إلى دار نشر، والمكتوب بأسلوب احترافي مستغرب من أي كاتب ناشئ في كتابه الأول!
اقتناعاً من الحفيدة بانتصارها أرادت توثيقه، تجسيداً للمقولة التاريخية بأن التاريخ يكتبه المنتصرون، وفي واقع الحاضر إن التاريخ ما هو إلا وجهة نظر يحاول كل طرف تأكيد نظرته، فيصر كل طرف على انتصاره في معارك المنتصر فيها هو الخاسر في أول المطاف وآخره!
رواية جديدة لحكاية لم ترو لزعيم دفعه الطمع وحب السيطرة إلى تدمير نفسه قبل الآخرين، عبر الدخول في مغامرات غير محسوبة ومحسومة لغير مصلحته، لكن الرواية هذه المرة كتبت من دون حياد كي لا تحيد عن عاطفة الحفيدة تجاه جدها مهما حاولت أو تمت المحاولة لها بالموضوعية والحياد في رواية الأحداث، لإصلاح ما يمكن إصلاحه بعد فوات الأوان!
جاء ذكر الكويت على استحياء غير مرة متناقضاً مع المرة التي تسبقها، فتارة يتم الإقرار بأن غزوها خطأ ولا أفهم تبرير الخطأ، إلا إن كان على سبيل الخطأ، وطورا بأن معارضة الرئيس على غزوه بدأت في منزله من السيدة الأولى، وأحيانا يلمح الكتاب إلى الكويت بلسان كاتبته بأنها دولة تناصب العراق العداء، في تناقض واضح أما التناقض الأكبر فهو في استغرابها أحقاد الكويتيين عليها بشكل شخصي، عندما قذفوها بمكعبات الثلج في أحد فصول مدارس عمان، متحدثة عن صدمة نفسية تسببت فيها تلك اللحظات، من دون أن تكلف نفسها تخيل الصدمة النفسية لاحتلال وطن سبعة شهور!
حاولت حرير تغليف أفراد أسرتها بالحرير مجدت القاتل والمقتول، في رواية مقتل والدها وعمها على يد أخوالها وبالغت في تجميل الواقع البشع، حتى غدا أكثر بشاعة ولو في سرد أمور تجاهل سردها ربما يخدمها أكثر من سردها من دون دلالة أو سند أو مصداقية، كمقتل خال أمها عدنان خير الله طلفاح ناسبة الرواية لوالدها نقلاً عن والدتها ما يضعف السند والرواية نفسها لانعدام المنطق فيها!
أحداث كثيرة غير منطقية أو لا تستوي مع المنطق السليم، ترويها عن أسرتها لا تقبلها من غيرها ولا على نفسها، ففي معرض دفاعها عن ندوات خالها عدي صدام حسين وحياته الليلية، اتهمت زوجته بعدم الصبر عليها وعليه، وهو صبر ما كانت تطيقه لو واجهته من زوجها، لكنها وضعت أسرتها في خانة الاستثناء في كتاب استثنته من القواعد المنطقية، وأباحت لنفسها تمجيد القاتل وإدانة القتيل!
وفي اللحظة التي كتبت فيها المقالة كتبت المغردة أسماء عليان تغريدة مفادها: «إلى أن تستطيع الأسود أن تحكي قصصها، فإن حكايات الصيد ستمجّد الصياد.» وما أكثر الصيادين بيننا!
لا أجد أفضل منها لختام المقالة قبل أن أتفرغ لختام الكتاب، الذي حال دونه ضيق الوقت بسبب اختلاف مواعيد تسليم المقالات خلال شهر رمضان الكريم... وكل عام وأنتم بخير.