تداولت بعض وسائل الإعلام صورة لكلب الرئيس الأميركي الراحل جورج دبليو بوش مستلقياً حزيناً تحت التابوت، الذي يحمل جثمانه ملتحفاً علم الولايات المتحدة الأميركية، في حين كانت «السوشال ميديا» تستكثر على الكويتيين حزنهم على رحيله بذريعة أن التي حررتنا أموالنا لا منة ولا فضل لأحد!
صحيح أن السياسة الأميركية واحدة... سواء حكمها الأب أو ابنه أو أقاربهم ونساؤهم حتى والقائمة على سلسلة من المصالح الإقليمية، إلا أن الذين عاشوا فترة الغزو وعايشوه يذكرون وجه بوش جيداً وكلامه وحتى كلبه، حين كان يرافقه في تصريحاته التي تخللت بعض الإجازات والعطل الأميركية.
بعد التحرير بسنوات خسر بوش انتخابات الرئاسة لصالح كلينتون، وكان وقع الحدث في جامعة الكويت يشبه حل البرلمان في الأثر والتأثر عرفاناً.
استمرت العلاقة العاطفية بين الرئيس بعد تركه الرئاسة والشعب الكويتي الذي سماه بوش، وفِي الاحتفال بمرور عشر سنوات على تحرير الكويت تمت دعوته إلى الكويت المحررة.
وبصفتي - محررة صحافية - كنت في استقباله لدى وصوله إلى مطار الكويت، يومها سألته سؤالين يصعب نسيانهما: الأول، عن خوض ابنه الانتخابات الرئاسية، والثاني، عن نهاية صدام، وكان رده الذي احتل مانشيت «الراي» في اليوم الذي يليه: أنا أكثر الآباء فخراً ونهاية صدام قريبة!
بعد عامين استكمل الابن مهمة أبيه، فتوثقت العلاقة مع الأسرة الكريمة، وجدانياً وعاطفياً، قبل أن تكون مجرد علاقات سياسية وتحالفات إقليمية.
ومنذ إعدام صدام والعرب منقسمون حول «الله يرحم صدام» و»الله يلعن صدام»! وهم نفسهم الذين ينقسمون حول جواز الرحمة على بوش من عدمها، كحالهم الذي لم يستجد عليه جديد سوى دخول المال السياسي، وكلب الريس على الخط.
فالذين يعتبرون الكلب شتيمة يستكثرون وفاءه... والذين يعتقدون أن بإمكانهم شراءه بأموالهم!
وبمناسبة صورة كلب بوش، استذكرت مشهد حصان ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، وهو يسير حزيناً في جنازته مرتدياً حدوة الفرس مقلوبة في دلالة إلى أن فارسه ترجّل، ودار حديث حول إن كانت الخيول أكثر وفاء من الكلاب، انتهى إلى أن الحيوانات عموماً أكثر وفاء من الكثير من البشر.
ختاماً، وبعيداً عن فتاوى جواز الرحمة من عدمها، وتحليلات دور المال السياسي في مواقف الدول وحكوماتها، لا نملك إلا الترحم على مواقف بوش الأكثر نبلاً من كثيرين.