الأشرار أنواع... بعضهم شرير شكلاً وطيب موضوعاً، وبعضهم طيب شكلاً وشرير موضوعاً، وبعضهم شرير شكلاً وموضوعاً.
النوع الأول، تراه عاقد الحاجبين بصفة مستمرة، تزوره الابتسامة كغلطة مطبعية طارئة، سرعان ما يصوبها بتكشيرة ترافقه كمظلة يحمي بها ضعفه بستار الوقار والثقل، رغم أن في داخله كما الريشة يذوب من رمشة وينفذ بطيبة يغلب عليها السذاجة كل ما هدد وتوعد بمنعه بعد رفضه!
النوع الثاني، عكس الأول تماماً، يتمتع عادة بوسامة كاذبة تخفي من الأفعال أقبحها، دائم الابتسامة، يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك مثل روغ الثعلب، كثير الوعود لكنه لا ينفذ منها بل على العكس يعمل على حجبها ومنعها مستمتعاً بإيقاع الضرر على الغير لأنه يرى قوته في مضرته.
النوع الثالث، قد يبدو الأخطر، لكنه الأخف، فهو على المكشوف، يفعل ما يقول ويقول ما يفعل، منفعته في عدم ضرره، وضرره في عدم منفعته، يسهل تجنبه، فهو لا يقدم ولا يؤخر، ولو قدم لك شيئاً، سهواً أم خطأ، لقطعه عنك في منتصف الطريق وأعادك الى أول الطريق ان لم يبعدك عن طريقه أو يأخذك الا الاتجاه المعاكس، فإن وصلت سهواً، أفسد إنجازك بتمننه عليك بمساعدة غير مقصودة ما قصد منها إلا مساعدة نفسه لا مساعدتك!
ثلاثة أنواع والضرر واحد. ثلاثة أنواع والأذى واحد. ثلاثة أشرار لو اتحدوا لما قدروا على واحد استنجد بالواحد القهار، فالشر أضعف من ان يفسد الخير مهما قل لأنه يخص في حين الشر يعم رغم قلته.
الأشرار الثلاث أقلية سلطت عليها الأضواء لتضخيمها رغم ضعفها واستقرائها على المساكين، أو الذين يحسبون أنفسهم مساكين وهم أقوياء بحقهم ولو حسبوا أنفسهم ضعفاء.
المسكين الحقيقي هو الذي قرأ السطور السابقة متوجساً، وحائراً في تصنيف نفسه بين الأشرار الثلاث وهو بزيادة عليه ناقص واحد!