ابتداءً نقول إن وجود المشكلات في حياة الناس ليس هو الشأن، إنما يكمن الشأن كله في تكرار المشكلات نفسها سواء كانت مع أنفسنا أو مع أشخاص آخرين. من الواضح هنا أن عقولنا تعاني من الارتباك في التعامل مع خبراتنا ومع المعطيات والمعلومات الواردة إلينا، كما أننا تنازلنا عن قيمنا ومبادئنا وما نملكه من أخلاقيات، لذا نكرر الوقوع في المشكلة نفسها. ومن هنا يبدو لنا أن كثيراً من الناس لا توجد لديهم أطر مرجعية يستندون إليها في فهم الواقع وفي بلورة المواقف المناسبة تجاه ما يرونه ويسمعونه ويعانونه، للحد من حجم ذلك الارتباك الذي تعاني منه العقول.
عبارات كانت دارجة على الألسنة افتقدناها منذ زمن ليس ببعيد... ديني لا يسمح لي بكذا... كرامتي تثنيني عن تجاوز الحدود... مروءتي تمنعني عن ارتكاب الخطأ. من كان يصدح بهذه العبارات ولا يخجل من قولها لأي شخص كان، فهو لديه أشياء عزيزة لا يمكن أن يتنازل عنها أو يبذلها مهما كانت المغريات التي تقدم، ولديه أشياء كثيرة ليست للبيع.
ومن تنازل عن تلك العبارات التي تشكل منهج حياة، ولا يردعه دين أو كرامة أو مروءة وخلافه، كيف يكون التعامل إن واجهتنا مشكلات معه؟ لا نعتقد بأن المشكلات عبارة عن أزمات وضائقات تعكّر مزاج الواحد منا فحسب، فهذه تشكل جزءاً يسيراً من مشكلاتنا، إنما جلها يتأتى من مساحة الفجوة بين واقعنا وبين الوضعية التي نطمح إليها.