ابتداءً نقول إن وجود المشكلات في حياة الناس ليس هو الشأن، إنما يكمن الشأن كله في تكرار المشكلات نفسها سواء كانت مع أنفسنا أو مع أشخاص آخرين. من الواضح هنا أن عقولنا تعاني من الارتباك في التعامل مع خبراتنا ومع المعطيات والمعلومات الواردة إلينا، كما أننا تنازلنا عن قيمنا ومبادئنا وما نملكه من أخلاقيات، لذا نكرر الوقوع في المشكلة نفسها. ومن هنا يبدو لنا أن كثيراً من الناس لا توجد لديهم أطر مرجعية يستندون إليها في فهم الواقع وفي بلورة المواقف المناسبة تجاه ما يرونه ويسمعونه ويعانونه، للحد من حجم ذلك الارتباك الذي تعاني منه العقول.
عبارات كانت دارجة على الألسنة افتقدناها منذ زمن ليس ببعيد... ديني لا يسمح لي بكذا... كرامتي تثنيني عن تجاوز الحدود... مروءتي تمنعني عن ارتكاب الخطأ. من كان يصدح بهذه العبارات ولا يخجل من قولها لأي شخص كان، فهو لديه أشياء عزيزة لا يمكن أن يتنازل عنها أو يبذلها مهما كانت المغريات التي تقدم، ولديه أشياء كثيرة ليست للبيع.
ومن تنازل عن تلك العبارات التي تشكل منهج حياة، ولا يردعه دين أو كرامة أو مروءة وخلافه، كيف يكون التعامل إن واجهتنا مشكلات معه؟ لا نعتقد بأن المشكلات عبارة عن أزمات وضائقات تعكّر مزاج الواحد منا فحسب، فهذه تشكل جزءاً يسيراً من مشكلاتنا، إنما جلها يتأتى من مساحة الفجوة بين واقعنا وبين الوضعية التي نطمح إليها.
لذا إنْ تبين للواحد منا أنه فعلا في مأزق حقيقي، كالمأزق الذي نواجهه مع أناس في حياتنا تفتقد لكثير من القيم التي تقّوم حياتهم وتحصنهم من تكرار المشكلات مع الأشخاص أنفسهم، غالباً يوجب علينا التزام الهدوء وهو ضروري جداً لمن أراد تحديد جوهر المشكلة التي يعاني منها، أو نوعيتها، أو حجمها، فالإنسان المضطرب يفقد بعضاً من توازنه العقلي والنفسي لإدراك المشكلة موضع الشكوى، لأن العجلة في هذه الأمور سيئة للغاية.
كما لا بد من النظر في أسباب المشكلة، قد يكون سلوكنا الشخصي هو السبب، أو البيئة التي نعيش فيها، فإذا كانت المشكلة متولدة من سلوكنا الشخصي، من اليسير علينا تغيير ذلك السلوك، وإذا كانت بسبب البيئة التي نعيش فيها، فعلاجها يطول، لكن يمكن إجراء بعض التغيير في العلاقة مع بعض الناس.
في الختام نقول، نحتاج أن نفتش عن منهج للعلاج، إذ إن أكبر عقدة في التعامل مع المشكلات تكمن في العثور على منهج ملائم لطبيعة المشكلة، وقد لا نحصل دائماً على حلول مثالية، فلنؤمن أن لكل مشكلة حلاً، ولكن الحل قد لا يكون مرضياً دائماً، ولا يرقى لطموحنا، فلنوطن أنفسنا على ذلك، فشيء خير أفضل من لا شيء.
[email protected]
mona_alwohaib@