اجتهادات

خفض دعم العمالة... بطريقة أخرى!

تصغير
تكبير
سعت الحكومة خلال السنوات الماضية إلى دعم وتنفيذ كل السياسات والبرامج الهادفة إلى توفير فرص عمل للمواطنين في القطاع الخاص، وسنت التشريعات والقوانين المشجعة التي تساهم في تفعيل رؤية الدولة الهادفة إلى جعل القطاع الخاص الموظف الأكبر للعمالة الوطنية، وذلك بهدف تقليل الضغط المتزايد على الوظائف الحكومية، من جهة، واستثمار الطاقات البشرية وصقلها وجعلها أكثر إنتاجية من خلال عملها في القطاع الخاص، من جهة أخرى.

ونتيجة لذلك، قامت الدولة بإنشاء برنامج إعادة الهيكلة وفعلت نظام الدعم المالي للعاملين في القطاع الخاص، كما قامت بتحديد نسب واضحة لا تقل عنها نسبة العمالة الوطنية في كل مؤسسة وغيرها من البرامج الداعمة لهذا التوجه. إلا أنه وبعد كل هذه الجهود وابان الأزمة المالية العالمية قبل نحو سبع سنوات، والتي عانت فيها غالبية شركات القطاع الخاص الأمرين وتكبدت خسائر فادحة، وجدنا أن الغالبية العظمى من العمالة الوطنية إما أنها قد اضطرت للهروب إلى القطاع الحكومي قسرا، أو تعرضت «للتفنيش»، ولم يجد بدا إلا بالتسجيل والعيش تحت رحمة صندوق المسرحين!


وبعد فترة طويلة من الهدوء وتلاشي آثار الأزمة وتحسن حال الكثير من الشركات، بدأ المواطنون بالانجذاب مرة أخرى للعمل في القطاع الخاص، إلا أن ذلك أضحى بوتيرة أقل مما كان عليه قبل عام 2008. ولكن اللافت للنظر، أن الدولة ما زالت مستمرة في تنفيذ سياستها الرامية إلى تشجيع المواطنين على العمل في القطاع الخاص.

وتأكيداً على ذلك، فقد تضمنت وثيقة الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي التي أعلن عنها الوزير أنس الصالح - في إطار سعي الدولة الى معالجة الآثار المترتبة على انخفاض أسعار النفط والاختلالات التي تعانيها ميزانية الدولة - ضرورة تشجيع المواطنين على العمل في القطاع الخاص، وتنفيذ البرامج التي تساعد على استيعاب أكبر قدر ممكن من العمالة الوطنية. ولكن على نحو متناقض مع ذلك، فقد اقترحت الوثيقة تخفيض نحو 10 في المئة من قيمة الدعم، وهنا نحتاج إلى وقفة وتوضيح لعلها تصل الى صانع القرار!

من المعروف أن نسب العمالة المفروضة على أنشطة اقتصادية معينة، لا تتفق مع واقع الحال ولا مع رغبة وطبيعة المواطن الكويتي، ما يفرض على صاحب العمل تسجيل عمالة وهمية كويتية من أجل الدخول على مناقصات الجهات الحكومية بعد تحقيق النسبة المطلوبة. ولا أعتقد أنني أحتاج الى تدليل على ذلك، خصوصا إذا ما علمنا أن الغالبية العظمى من العمالة الوطنية المسجلة على العقود الحكومية، تتواجد في أنشطة الزراعة والرعي والصيد وبنسبة تصل إلى 28 في المئة من المسجلين!

كما أن الكثيرين يستغلون البرنامج في تسجيل عمالة وطنية بأجور متدنية في ما يعرف بالتوظيف الوهمي، من أجل الاستفادة من بدل دعم العمالة (طبعاً وهو جالس في بيته ومن دون أدنى مجهود!)، ولا أعتقد أن هذا الأمر يخفى على صاحب القرار أو أنه لا يعلم به! ولعل ما طالعتنا به احدى الصحف بأن إجراءات هيكلة القوى العاملة أسفرت عن ضبط أكثر من 6 آلاف مواطن ومواطنة بوظائف وهمية، لهو خير دليل على ذلك!

ما أعتقده ومن وجهة نظري الشخصية، أنه يجب أن تتم إعادة النظر في النسب المفروضة للعمالة الوطنية في الأنشطة الاقتصادية المختلفة وبما يتناسب مع احتياجات كل قطاع، وذلك للتقليل من نسب العقود الوهمية، وتشديد الإجراءات وتفعيل عمليات الكشف والتدقيق للحد من ظاهرة العمالة الوهمية التي تستغل مبالغ دعم العمالة من دون أدنى حق، وعندها فإنني متيقن أن الدولة ستستطيع توفير أكثر مما تريده وذكرته في وثيقة الإصلاح من دون أن تمس الدعم المقدم لموظفي القطاع الخاص (الحقيقيين)!

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي