اجتهادات

حصانة النائب... و«جزمة» شقيقه !

تصغير
تكبير
يُحكى أن شقيق نائب ذهب برفقة أصدقائه إلى أحد المطاعم... وعندما تأخر الطلب عليه نادى عاملاً مصرياً وطلب منه تقديم المأكولات بأسرع وقت ممكن. قام الجرسون المصري المسكين بمناداة زميله وتوجيهه لعمل اللازم... وهذا بالطبع لم يعجب الزبون، فكيف للعامل ألا يلبي بنفسه طلبات جلالة شقيق النائب، بينما يدعو زميله لذلك!

لم يتمالك شقيق النائب نفسه بعدها بلحظات، ليعتدي (بالجزمة) على الجرسون المسكين، دون أي ردة فعل ممن اعتدى عليه، ولم يكن ذلك إلا وسيلة بسيطة ليرد المعتدي جزءا من إهانة العامل لجلال قدره ومكانته !


ويبدو أن الضرب (بالجزمة) لم يكفِ العضيد، فدعا بعدها أخاه النائب المبجل - الذي يفترض أن يكون قدوة لغيره - ليرد له اعتباره، ليس بعدها بدقائق أو ساعات، بل بيوم كامل!

ولولا وجود الكاميرات التي صورت بعدها ما دار بين النائب وشقيقه المتمترس خلف الحصانة والبلطجية الذين من حوله (وهو أمر – وأقصد هنا البلطجة –أضحى عادياً وليس مستنكراً في دولنا والأيام الماضية كانت خير دليل على ذلك)، من اعتداء مبرح وقوي على العامل المصري المسكين، لظهر لنا نفس البلطجية المعتدين ليدعوا أن ما حصل مزوراً ومزيفاً وادعاءً باطلاً ومحض افتراء، وغيرها من الحجج التي اعتدنا عليها مع من هم على شاكلتهم.

ما ذكرته لك عزيزي القارئ ليس من وحي الخيال، أو أوهام رسمتها لإيصال فكرة هذا المقال، بل هو واقع مؤلم وحزين دارت أحداثه في مدينة العقبة الأردنية الأسبوع الماضي. لست معنياً حقاً بالنائب الأردني، ولا بالجرسون المصري، الذي أكل الضرب من كل حدب وصوب، ولكن المؤسف حقاً هذا الاستخدام السيئ لمفهوم الحصانة في دولنا العربية.

الحادثة التي ذكرتها لم تكن سوى مثال لأشخاص كُثر في بلادنا العربية، منهم نواب حاليون وسابقون، ممن استغلوا حصانتهم في سبيل تمرير مصالحهم وتعزيز نفوذهم والاستعلاء على الناس والتكبر عليهم والإساءة إلى بعض المسؤولين والأشخاص وغيرها من الممارسات الخاطئة التي شهدناها حالياً وسابقاً.

لقد حاول المُشرع، فرض حصانة النائب، لإعطائه الحرية في التشريع والمحاسبة ضمن أطر دستورية وقانونية، وهو حق أصيل أخذ به عدد من الديموقراطيات المتقدمة في دول العالم المختلفة، ولكن إساءة استخدام مبدأ الحصانة، وخصوصاً ما شهدناه خلال الأشهر القليلة الماضية، لا يعني بأي حال من الأحوال أن مفهوم الحصانة خطأ، ولكن العتب على من أساء استخدام الحصانة، والعتب الأكبر علينا كناخبين حين أوصلنا أمثال هؤلاء لقبة البرلمان!

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي