لا للتثمين... نعم لإعادة التأهيل

تصغير
تكبير
إن برامج إعادة تطوير المناطق الحضرية باعتبارها مُشغلاً اقتصادياً، وآلية إصلاح قد انتشرت في أواخر القرن التاسع عشر في البلاد المتطورة بغرض تحسين ظروف المعيشة، وتطوير الخدمات والعمل على خلخلة الكثافات السكانية في المناطق القديمة المكتظة بالسكان.

وقد حققت التجارب السابقة في عدد كبير من المدن العالمية في البلدان المتطورة نجاحاً ملموساً في تحسن معطيات البيئة العمرانية للمناطق ورفع المستوى المعيشي لقاطنيها، والتمكن من المحافظة على استقرار أسعار العقارات التي تدهورت بسبب الهجرة المعاكسة ورغبة سكان المناطق المتأثرة بإخلائها.


في دول العالم المتطورة والنامية ذات النظام الرأسمالي الحر أو الاشتراكي المقيد عندما تخضع العقارات لأي خطط للاستحواذ عليها من قبل الحكومات المركزية أو سلطات الحكم المحلي بغرض إقامة المشاريع الخدمية أو البنية الأساسية أو لشق الطرق، قد تتأثر أسعار هذه العقارات بصورة سلبية باعتبار أن التقييم يكون في العادة وفقاً للقيمة الدفترية وليست السوقية، أما الحال هنا في الكويت فإن التقييم قد يتعدى تقديرات القيمة السوقية بل ويتجاوزه إلى أسعار تدخل هذه العقارات في حلقه المضاربة، الأمر الذي يحمل المال العام تكاليف وخسائر كان يمكن تجنبها. وعندما تتدهور الظروف المعيشية في المناطق الحضرية لا تلجأ الدول في العادة إلى الاستحواذ على العقارات بغرض تعويض مُلاكها، بل تعمل على إعادة تأهيل وتجديد هذه المناطق، إلا في حال وقوع كوارث وأخطار تهدد بصورة مباشرة صحة وسلامة سكان وقاطني هذه المناطق. في زمان ظهور النفط حاولت الدولة ومن مبدأ توزيع عوائد الثروة النفطية وتحفيز الاقتصاد الوطني واحتضان القطاع الخاص، وتهيئة الفرص والمناخ المناسب للنهوض به، تبني برامج موسعة ورصدت الموازنات المالية اللازمة لتثمين العقارات ضمن خططها التنموية حتى أصبحت عملية تثمين العقارات حقاً مكتسباً التزمت به الدولة في وقت الكساد والازدهار الاقتصادي على حد سواء، وغدت بذلك احدى الركائز الأساسية للخدمات النوعية التي توفرها الدولة. واليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن على رعاية الدولة المباشرة للقطاع الخاص يتعين، علينا إعادة النظر في صيغة الدعم الذي تقدمه الدولة من منظور إعادة تأهيله، ليتمكن القطاع الخاص مثل ما كان في الماضي قبل ظهور النفط من الاعتماد على ذاته في دفع التنمية والمساهمة في تطوير الناتج القومي.

واليوم لدينا فرصة سانحة لخوض غمار تجارب إعادة التجديد والتأهيل لمناطق ومجمعات السكن الحكومي التي تتدهور أحوالها، وأن نفكر في منهجيات ديناميكية، وأن نتبع آليات عمل غير تقليدية للتعامل مع العقارات التي تتأثر بخطط التنمية العمرانية.

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي