إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات

250 مليون ضائعة !

تصغير
تكبير
(250 ألف مستهلك متخلفون عن سداد الفواتير الحكومية) هو عنوان لخبر صحافي نشر في جريدة الجريدة الكويتية، أشار إلى تخلف شركات كبرى ومؤسسات حكومية ومصانع وتجار ومواطنين من القيام بسداد مستحقات متعلقة بالكهرباء والماء، والهواتف وإيجارات أملاك الدولة، بالإضافة إلى رسوم البلدية، تصل قيمتها إلى 250 مليون دينار!

لم يكن الخبر، على الأقل بالنسبة لي، مستغربا أو من نسج الخيال، فواقع الحال يقول إن تخاذل مؤسسات الدولة وضعف الإجراءات المتبعة في تحصيل تلك الأموال وغياب الآليات المناسبة والملائمة التي تلزم المستهلك على السداد، غائبة ومعدومة!


وإذا كانت الحكومة تسعى إلى ترشيد الإنفاق وخفض المصاريف والتقشف على وقع الانخفاض المستمر والمخيف لأسعار النفط، فالأولى عليها بدلا من التفكير بإرهاق كاهل جميع المواطنين برفع الدعم عن بعض السلع وفرض الرسوم على الخدمات المجانية ورفع أسعار المنتجات البترولية، أن تبدأ بنفسها أولا وتحافظ على المال العام الضائع الذي يعتبر حقا من حقوق جميع المواطنين.

ولو كانت الحكومة جادة في ذلك، وإن كنت أتمنى كذلك، لبدأت بتطبيق القانون على جميع المتخلفين عن السداد بلا استثناء، بدءا من الشركات الكبرى إلى أصغر مواطن، لأن لغة العقل والمنطق تقول إن جميع المواطنين متساوون بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، ولكن هل تساوى هنا من يلتزم بدفع ما عليه من مستحقات بمن لا يقوم بذلك؟ بكل اختصار، من أمن العقوبة أساء الأدب، لكن مع الأسف، اللوم هنا لا يقع على المتخلف خصوصا إذا ما وجد جهات حكومية متقاعسة وعاجزة عن تطبيق القانون!

إنني متيقن علم اليقين، أن الحكومة لو قامت باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، لوجدنا طوابير المتخلفين تنهال على المراكز الحكومية المختلفة لسداد تلك الرسوم والمستحقات. إن أبسط الحلول هو إعطاء المتخلفين مهلة قانونية معقولة لسداد هذه المستحقات، على أن تقوم بعدها الجهة الحكومية بقطع الخدمة إذا لم يقم المدين بسداد ما عليه. وسؤالي هنا، هل سيتخلف أحد عن السداد إذا قامت الجهات الحكومية بهذا الإجراء؟ باعتقادي وبكل بساطة، لا.

ختاما، على الحكومة أن تفكر مليا باتخاذ إجراءات أكثر حداثة للحفاظ على المال العام. فعلى سبيل المثال، أن يتم تحديد حد أعلى يحق للدولة بعده بقطع الخدمة على المستفيد في حال تخلفه عن السداد تلقائيا، أو أن يتم فرض خدمة الدفع المسبق، بحيث ينعم المواطن والشركات بالخدمة المطلوبة من خلال دفعها مسبقا وغيرها من الآليات التي تقلل من ضياع الأموال العامة، والله من وراء القصد.

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي