إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات

عطونا نصيبنا من النفط !

تصغير
تكبير
هل أصبحنا اليوم نعيش في دولة لا تحقق أدنى متطلبات العيش الكريم؟ وهل أضحت عادات وتقاليد المجتمع الأصيلة ماضياً قديماً نترحم عليه؟ هل بات بالفعل صانع القرار السياسي يسير بعيدا عن سرب طموحات وتطلعات الشعب؟ هل نحن نعيش في أزمة حقيقية سيأتي فيها اليوم الذي سنندم فيه على ما فاتنا؟ هل يحق لنا أن نقلق على مستقبلنا القريب مع هذا الكم من الصراعات السياسية والترهلات المجتمعية وضعف المعطيات الاقتصادية غير النفطية منها؟ وهل نعيش في الواقع في مجتمع تتحكم فيه طبقة تحاول نهب البلد لضمان مستقبل أحفاد أحفادها؟

ما ذكرته هو مجموعة من الأسئلة خطرت في مخيلتي سريعا بعد لقاء جمعني مع مجموعة من الأصدقاء القدامى. كان محور حديثنا يدور حول وضع الكويت القائم والأسباب التي أدت إلى توقف عجلة المشاريع التنموية والخدمية وغيرها من الهموم والمشاكل اليومية في مجالاتها المتعددة كالصحة والتعليم والإسكان وغيرها، والتي أصبحت حديثا متعارفا لدى غالبية الشعب وأساسا لأي نقاش سياسي في الدواوين.


انتقل النقاش بعدها وبعد أن زاد الشد والجذب حول الموضوع، إلى مسابقة طريفة تحاكي واقعنا المظلم لتلطيف أجواء هذا النقاش الحامي، فكانت الأسئلة تدور حول تاريخ آخر مستشفى أنشئ في الكويت ومدة انتظار المواطن للحصول على البيت وعن أسرع موعد لعمل عملية بسيطة في المستشفى الأميري، وعن توقعاتنا عن المبالغ المطلوب سدادها كرشوة لتمرير بعض المعاملات الحكومية وغيرها من الأسئلة التي مزجت بين المزاح والألم لواقع لا يرضي طموحات الجميع. وفي ختام الحديث، تكررت المقولة الشهيرة لدى العديد من فئة الشباب ( عطونا نصيبنا من النفط ) وكذلك ( خلونا نهاجر ونفتك ) وعاد كل منا من حيث أتى.

ما يعنيني في الحقيقة من هذا النقاش، هو انتشار مفهوم الهجرة وفكرة الرحيل خارج البلد وحتى إن كانت مجرد حديث عابر أو غشمرة ثقيلة. هذه الفكرة لم تقتصر على فئة أو طبقة أو مرحلة عمرية معينة، بل ترددت من قبل العديد دون تمييز، وإن كانت من قبل الكثير منهم من واقع الرغبة في نقل حالة التذمر التي يعيشونها ويتعايشون معها يوميا. ولكن، لا أعتقد أنه يجب أن يمر هذا الموضوع مرور الكرام. فلم تكن هذه الفكرة في مخيلة أحد في أيام الماضي البعيد، وها هي قد بدأت تظهر الآن وبشدة، وإن لم تكن قد طبقت، ولكن من يدري، قد يأتي علينا اليوم الذي نرى فيه المواطنين يشدون رحالهم للعيش خارج البلد!

كل ما أعنيه، أننا نحتاج إلى وقفة جادة وحقيقية لدراسة هذه الحالة، فما يحدث هو أمر غريب وجديد على المجتمع، ومجرد التفكير في الهجرة إلى الخارج هو جرس إنذار حقيقي لقياديي الدولة بضرورة إعادة النظر في ما يحدث على جميع الأصعدة والمستويات. هي بالفعل حالة اجتماعية حديثة، تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة والتحليل والنقاش والتفصيل لمعرفة مسبباتها وتأثيراتها وكيفية علاجها وإن كان حلها واضحا وهو بكل بساطة واختصار، معالجة وباء الشلل الذي أصاب البلد في جميع مناحي الحياة، والله من وراء القصد.

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي