إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات

الرجل الحديدي والإضراب

تصغير
تكبير
لا أعلم ما هي المسببات والمصوغات التي دفعت صانع القرار في المجلس الأعلى للبترول لإعادة النظر في مكافأة النجاح التي يستحقها جميع الموظفون المنتسبين للمؤسسة وشركاتها التابعة. ولا أعلم لماذا أثير هذا الموضوع في هذا الوقت بالتحديد؟ إلا أن المؤشرات كلها تشير إلا أن هناك بالفعل من يسعى لتصادم الوزير علي العمير مع موظفي المؤسسة بعد أيام من توليه حقيبة النفط على الرغم ما أبداه الوزير من تعاون في هذا النطاق وفقا لما أشار إليه البيان الأخير لنقابة موظفي مؤسسة البترول الكويتية.

إنه من المحزن حقا في هذا الموضوع بالتحديد، أن الإضراب أصبح الوسيلة الوحيدة التي بدأ يلجأ لها القائمون على النقابات والموظفون المعنيون في تحقيق مطالبهم، بعد أن إنفلتت سبحة الإضرابات في عام 2008 بعد إقرار كوادر النفط والكويتية والأطباء، وأضحت الأداة الأكثر فاعلية في الوصول إلى ما يصبون إليه، خصوصا مع الرضوخ الحكومي المدهش في التنازل والابتعاد عن أي مواجهة، والتي قد تكون أحيانا مستحقة، حتى أضحت قراراتها عرضة للتصحيح والإلغاء وباتت مصداقيتها ضحية لسوء أدائها وضعف قدراتها على المواجهة. من يعلم ماذا تخفي لنا الأيام القادمة؟ هل ستحذو أي جهة حكومية أخرى حذو مثيلاتها؟ خصوصا إذا ما لاحظنا أن المنتصر الأخير في كل المواجهات السابقة هم الموظفين سواء كانوا على حق أو على باطل!


تذكرت كثيرا البرنامج الوثائقي الذي بثته إحدى المحطات التلفزيونية عن رئيسة مجلس الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر ولماذا سميت داخليا في بريطانيا باسم المرأة الحديدية بعد أن عرفت بهذا اللقب عالميا. فمارغريت تاتشر واجهت خلال توليها لمنصب رئيسة وزراء بريطانيا إضرابا لعمال المناجم عام 1984 استمر لمدة سنة كاملة، فما كان لها سوى أن رفضت جميع مطالبهم غير المشروعة وواجهتهم بكل شدة وحزم. بدأت تاتشر أولا بإنشاء مخازن حكومية في جميع أرجاء الدولة وقامت بتخزين الفحم بكميات كبيرة لمواجهة أي نقص قد يواجههم في حال استمرار الإضراب لمدة أطول فتمكنت من تجاوز المرحلة الأولى من الإضراب. ونظرا للموارد المالية التي تملكها النقابة المعنية، تمكنت تاتشر من الحصول على حكم قضائي بتجميد كل الأرصدة المتعلقة بالنقابة مما مكنها من منعهم من سداد رواتب الموظفين المضربين واستطاعت بذلك تجاوز الأزمة المذكورة بكل يسر وعاد الجميع إلى مقار عملهم، حتى أضحت حقا المرأة الحديدية، فهل هناك في الحكومة من سيكون الرجل الحديدي في مواجهة الإضرابات القادمة المحتملة؟

***

عودة إلى موضوع مكافأة النجاح، فمن المعروف أن المكافآت والبونصات توزع على الموظفين المجتهدين الذين ساهموا في نجاح المؤسسة أو الجهة التي يعملون بها، إلا أنه من غير المنطقي في مكافأة النجاح أن يستوي الذي يعمل ويبذل ويجتهد مع من لا يعمل ويتسيب ويتغيب عن عمله. ومن غير المنطقي كذلك أن يتساوى جميع الموظفين في جميع الشركات بنفس المكافأة، فهناك شركات حققت نجاحات وإنجازات مميزة وهناك شركات أخرى ما زالت تعاني من الخسائر والإخفاقات المتعددة.

هل يستحق مثلا القائمون على شركة صناعة الكيماويات البترولية المكافأة المذكورة وهم الذين كبدوا خزينة الدولة بعد فضيحة «داو كيمكيالز» مبالغ خيالية قدرت بمليارات الدولارات ضاعت هباء منثورا. نعم، لا نقف ضد مبدأ المكافأة أو البونص، وأنا شخصيا مع استمرارها وبنفس القيمة المقررة، ولكن يجب أن توزع بإنصاف ليأخذ كل ذي حق حقه ويكافأ من اجتهد وبذل وأنجز حتى ينصف ويميز عن غيره وليشكل ذلك دافعا له لبذل مزيد من الجهد والعطاء.

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي