نصت المادة 41 من دستور دولة الكويت أن لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه والعمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام وتقوم الدولة على توفيره للمواطنين وعلى عدالة شروطه. ومنذ ذلك الحين تقوم الدولة بتوفير الفرص اللازمة للمواطنين للعمل لدى كافة وزارات ومؤسسات الدولة بمختلف تخصصاتها.
ولعل تحديا جديدا يواجه الحكومة في الوقت الحالي يتمثل في مدى قدرتها على استيعاب ذلك الحجم الهائل من مخرجات التعليم خلال السنوات المقبلة، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أكثر من 60 في المئة من الكويتيين هم من فئة الشباب، علما بأن التوقعات تشير إلى أن عدد خريجي الجامعات والمعاهد والكليات سيصل قريبا إلى أكثر من 27 ألف خريج سنويا، سيشكلون عبئا إضافيا على الدولة في توفير الوظائف المناسبة لهم وفقا لحقوقهم المكفولة والمنصوص عليها بالدستور.
لو تحدثنا عن لغة الأرقام، ووفقا لدراسة معدة من قبل الأمانة العامة لمجلس الامة، فإن عدد العاملين الكويتيين في القطاع الحكومي يبلغ 302 ألف، بينما يصل عدد الكويتيين في القطاع الخاص إلى حوالي 82 ألفا وبمعدل 27 في المئة فقط من حجم الموظفين الكويتيين! وعلى الرغم من المساعي الحكومية الحثيثة لتشجيع المواطنين للانخراط في القطاع الخاص من خلال إنشاء برنامج لدعم العمالة الوطنية وفرض حدود دنيا لتوظيفهم في الشركات الخاصة، إلا أن الظروف الاقتصادية الحالية وعدم توافر الفرص الاستثمارية المناسبة بالإضافة إلى تأثر العديد من الشركات بالأزمة المالية العالمية، ساهم كل ذلك في خلق بيئة طاردة للموظف الكويتي الباحث عن مكان آمن للعمل.
كما تشير الأرقام إلى أن عدد الموظفين غير الكويتيين في القطاعين الحكومي والخاص بلغ تقريبا مليونا ومئتين وسبعين ألفا، أي أن الكويتيين يشكلون حوالي 30 في المئة فقط من إجمالي قوة العمل. لذلك، أعتقد أن على الدولة أن تتخذ الخطوات المناسبة وأن تتدرج في انتهاج سياسة الإحلال لمواجهة حجم طلبات التوظيف الضخمة المتوقعة. ويكمن أن تبدأ الدولة بذلك لمواجهة حجم البطالة المتزايد، حيث تشير آخر الإحصائيات المعدة من قبل الإدارة المركزية للإحصاء بدولة الكويت ووفقا لتقريرها الصادر أخيرا والذي حمل عنوان (البطالة في الكويت - حقائق وأرقام)، أن عدد العاطلين عن العمل بلغ 19 ألف مواطن وبنسبة بطالة فاقت 6 في المئة، علما بأن النسبة الأكبر من هؤلاء هم من حملة الشهادات المتوسطة أو مما لا يحملون أي مؤهل.
والمشكلة تكمن هنا، بأن الدولة وخلال العقود الماضية لم تستطع إيجاد حل جذري لمشكلة تكدس الموظفين في الجهات الحكومية المختلفة ومن انتشار ظاهرة البطالة المقنعة، وما يمكن أن يصاحب ذلك من هدر لطاقات وإمكانات الشباب الكويتي المتحمس للعمل والإنجاز، فأضحى المواطن موظفا فقط بدلا من أن يكون منتجا وأكثر! كما أن الحكومة عجزت عن القيام بالدراسات الفعالة التي تساهم في ربط حاجات سوق العمل بنوعية وطبيعة مخرجات التعليم، ونتيجة لذلك نجد أنها تعتمد على العمالة الوافدة في سد نقص بعض الوظائف النادرة، والتي لو توافرت الظروف المناسبة للشباب الكويتي للقيام بها، لوجدناه أكثر إبداعا وتميزا عن غيره.
وأخيرا، فإن على صانع القرار إعادة النظر في آليات تشجيع الشباب الكويتي للقيام بمشاريعهم الخاصة، فعلى الرغم من تشريع العديد من القوانين وإنشاء المؤسسات والهيئات الداعمة للمشاريع المتوسطة والصغيرة، إلا أن بيئة العمل وطبيعة التعامل مع الجهات الحكومية، والبيروقراطية والواسطة والمحسوبية وغيرها من العراقيل، أسهمت في إفشال الكثير من المشاريع وفي كبح نشاط الشباب المتحمس.
لا يسع المقال لذكر المزيد، لكن أعتقد أننا سنواجه قريبا مشكلة حقيقية في توظيف المواطنين حديثي التخرج، ولعل هذه المشكلة قد تتراكم إذا لم تجد الحكومة حلولا جذرية لها، ولا أعلم إن كنا سنصل لمرحلة نجد فيها الشباب يحملون ويطلقون شعار ناطر وظيفة كحملة لمعالجة مشاكلهم، بعد أن رأينا أخيرا حملة ناطر بيت! وليس لنا هنا سوى أن (ننطر) حلول الحكومة!
[email protected]