د.نوف علي المطيري / صحوة العقل

تصغير
تكبير
يتحسر بعض الناس على الزمن الذي يعيش فيه ويتمنى أن لو بقي عصر الآباء ولم يرحل، فهو من وجهة نظره كان أفضل من عصرنا لأنه كان يتسم بالبساطة وتألف الناس. فتخيّل عزيزي القارئ لو كنا نملك آلة تحريك الزمن إلى الخلف، تلك الآلة السحرية التي تستطيع أن تنقلنا في ثوانٍ معدودة إلى العصر الذي نريده، فأي عصر ترغب أن تعيش فيه أو تزوره؟ قد تختار ربما زمن والدك أو زمن جدك، أو زمن عمر بن الخطاب أو عهد صلاح الدين الأيوبي، أو زمن حكم المسلمين للأندلس، أو حتى عصر خلق آدم وحواء. كل شخص قد يختار العصر الذي يلائم قناعته بسبب إيمانه أن الحقبة التي يفضل هي أكثر سعادة من غيرها من الأزمنة. وقد يرجع سبب اختياره لحقبة بذاتها شيوع العدل بين الناس أو لقوة العقيدة أو لمتانة العلاقات الاجتماعية أو لازدهار فن العمارة أو قوة المسلمين وكثرة فتوحاتهم، أو غيرها من الأسباب.

وقبل أن يأخذك الخيال بعيداً لتبحر في بحر الأماني المستحيلة، سوف أعيدك للواقع وللتفكير مرة أخرى في سؤال تحريك عجلة الزمن والغاية منه. في الحقيقة كنت أريد من السؤال أن أوقع القارئ في فخ يكشف خباياه كإنسان، ومدى ميل البعض للهروب موقتا من واقعه الذي ربما يراه مليئا بالمنغصات والعقبات. لكن الهروب من واقعنا إلى الأحلام والأماني ليس بالحل المثالي الذي يمنحنا السعادة والقدرة على النجاح وتحقيق العالم الخيالي الذي نهرب إليه.

إذا ما الحل؟ الحقيقة التي ينبغي أن نستيقظ من خيالتنا عليها هي أن الخالق منحنا قدرات عقلية تمكننا من تحقيق ما نحلم به. ولكن ما يحصل لنا هو حالة من تعطل عقولنا عن التفكير، وعدم إدراكنا لحقيقة أننا نملك كل ما نحتاج لنوجد ما نشاء. إن الكثير منا في حالة غيبوبة عقلية واستسلام للواقع والأفكار غير البناءة، وترديد أماني يؤمن في قرارة نفسه أنها مستحيلة فتعذبه. لقد اختار الكثيرون منا أن يركنوا إلى فكر غير مجد هو الذي أوصلهم إلى ما وصلوا إليه، وكل إنسان مسؤول عن خياراته والطرق التي يسلكها في الحياة، فلا ينبغي أن يرمي الإنسان بأخطائه على الزمان ويعيبه. فالزمن لم يجبرنا على سلوك الطريق الخطأ أو التفكير بطريقة سلبية.علينا أن نعيد التفكير مرة أخرى بخياراتنا وأهدافنا ونظرتنا للحياة. وحينما نغير تفكيرنا، وننظر للحياة بايجابية ونتعامل مع مشاكلنا والعقبات بواقعية، ونستخدم ما أوتينا من قدرات، لحظتها تصبح الحياة رائعة، والعصر الذي نعيش فيه من أجمل العصور.





د.نوف علي المطيري

كاتبة سعودية

d.nooof@gmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي