No Script

عبدالله زمان / وبناء عليه / هكذا يُحب الشعب حاكمه

تصغير
تكبير
في أكثر من مقال، شرحت ثالوث الدولة وإنها تتكون من أرض يسكنها شعب ويحكمها حاكم. وقد أثبت بإحدى المقالات السابقة كيف هي العلاقة الوثيقة لضلعين من هذا الثالوث التي لا يمكن تفكيكه بين الشعب والأرض. في مقال اليوم، أحاول أن استثير جدلية بناء علاقة المحبة بين الشعب وحاكمه وكيفيتها عن طريق الفطرة الإنسانية الصرفة والمشاعر المجانية والنبيلة التي تسمو على فخامة المسميّات والألقاب التي يطلقها على نفسه أي حاكم عربي.

سوف يُحب الشعب حاكمه فقط إذا:

- كان قريباً ولصيقاً بالشعب ليستشعر همومهم وحاجاتهم.

- أدار البلد على مبدأ خدمة هذا الشعب لا خدمة أرصدته الخارجية.

- عقد صفقات لشراء أسلحة حربية للتموضع على الحدود لا داخل شوارع المدينة.

- اشترى الأعيرة النارية والذخيرة للمعتدي الخارجي لا لأبناء بلده.

- قدّم نفسه فداءً للوطن، لا أن يقدّم الشعب فداء لكرسيه.

- انسجم مع شعبه ككتلة واحدة، لا أن ينسجم مع أعداء الشعب كحكم واحد.

- يطبّق مبدأ الشعب هو الدولة، والدولة هي الشعب.

- إذا غاب حنّ الشعب إليه، وإذا فُقد بكى الشعب عليه.

- يسعى لإعطاء الشعب حقوقه، لا أن يتفنن بسرقة مقدراته.

- يعرف بأن عزّة وكرامة الشعب هو من عزّته وكرامته كحاكم.

- يستعين بالقوّة العسكرية لصالح حماية شعبه، لا لقتلهم.

- يقود الشعب إلى ما يريده الشعب لا ما يريده هو.

- عرف بأن العدل والمساواة أساس ملكه في الشعب.

- آمن بأن الأمة مصدر السلطات لا المرتزقة أو البلطجية أو أدوات القمع.

- يعتذر للشعب لو أخطأ بحقهم فلا يكابر أكثر ويقتلهم بدم بارد.

السادة القرّاء، أغلب ما سبق من شروط كان على مبدأ الفعل الماضي، ومن هنا فعلى الحكّام أن ينسوا السياسات القديمة والمبنية على أساس «جوّع كلبك ليتبعك». فالشعوب اليوم ما عادت تخاف سكاكين الجزّارين وسياط القمع السلطوي. وليعلم الجميع بأن قطار الحرية والنضال الشعبي انطلق يوم أحرق الشهيد البوعزيزي بجسده الطاهر فأشعل عروش الظلمة والطواغيت ناراً لم ولن تهدأ حتى تطأ الحرية صماخ القمع بأخمصها.

نعم، إن الترهيب وحكم العسكر هو من الأفعال الماضية التي تمرّد عليها الشعب الثائر والمطالب بالحرية والكرامة، إذ لم يذقها منذ سنوات طوال. وهنا أصبح لزاماً على الحاكم العربي مراجعة حساباته مجدداً في بناء علاقته الحميمية مع الشعب بشكل صادق وفطري وبعيداً عن التهديد والوعيد والقتل وسيول الدماء.

إن ما يضحك الثكلى بأن في العصر السياسي الحديث قلّة من الحكام العرب ذاقوا أو يذوقون طعم محبة الشعب، كل الشعب، وهذا يعزى لتسوس فكري قديم أصاب العقليات الحاكمة ويساعد في بقاء هذا التسوس هيئات ومؤسسات ظلامية تقتات على مذاق الدم ورائحة الموت.

نحن في الكويت، وإن تباينت العلاقة بين الحاكم والمحكوم في فترة من الفترات، إلا أن تلك العلاقة لم تصل لحد القطيعة والجفاف القاحل. ذلك كلّه بسبب هويتنا الكويتية كدولة وكشعب مارس الديموقراطية وحرية التعبير منذ نشأة الدولة في منطقة تسودها الأفكار الولائية المتنوعة.

نتمنى الشفاء العاجل والعودة الميمونة لسمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من رحلة علاجه. وحينما يعود سموّه سيعرف كم أحبّه هذا الشعب الذي لم يتوقف عن الدعاء له، ليس لأن الشعب يخافه، بل لأنه أحبّه بصدق المعاني والمضامين.





عبدالله زمان

كاتب كويتي

BinZaman@live.com

Twitter: @ZamanQ8
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي