No Script

عبدالعزيز صباح الفضلي / رسالتي / شارع الحب في مكة

تصغير
تكبير
خلال مناسك الحج تنوعت مشاعر الناس ومواقفهم ما بين الفرح والبكاء والخوف والرجاء، بين التواضع والتعالي، وبين التسامح والانتقام، بين الاقبال على الطاعات وبين الوقوع في المحرمات، من المواقف ما يثير الشفقة، وآخر يولد الحيرة، منها الطريف ومنها ما يدفعك للغضب، وسأذكر بعضا منها بحسب ما تسمح به مساحة المقالة.

إحدى النساء أخذت بالبكاء بعد رمي الجمرات في ثاني أيام التشريق، وهذه الدموع لم تكن بسبب الخشوع وإنما لأنها المرة الأولى التي تمشي فيها تحت الأمطار وتخوض في مستنقعات الماء التي تجمعت بسبب غزارة الأمطار التي هطلت، فهي تبكي لأنها لم تتخيل يوماً أنها ستمر بمثل هذا الموقف في حياتها.

امرأة أخرى كانت تبتسم وتعابير الفرح في وجهها وهي تحدث المحرم الذي معها قبيل النفرة من عرفات عن السعادة التي تغمرها وهي تؤدي هذه الشعائر، وقد تعجبت من سعادتها في الوقت الذي كنت أرى فيه كثيرا من الناس وقد بدت ملامح التعب على وجوههم، وعبارات التضجر والتذمر على ألسنتهم بسبب كثرة الزحام وتدافع الحجيج. فسبحان من أنزل السكينة في قلبها حتى بدت ملامح السعادة على وجهها.

من المناظر التي تألمت منها، مشاهد بعض الحجاج في عرفات وهم في لباس الاحرام ودخان السجائر ينفث من أفواههم، وكم حزنت على ضعف العزيمة عند هؤلاء واستسلامهم للسيجارة لدرجة عدم تمكنهم من الاستغناء عنها حتى وهم في أطهر لباس وأعظم مكان.

إحدى الحملات أرادت التميز عن غيرها فلم تجد ما تقدمه في منى لحجاجها سوى الإعلان عن خدمة «الكوفي شوب» لإحدى الشركات العالمية المشهورة والمعروفة بدعمها لليهود والمثليين، ومما يؤسف له أن بعض الحجاج من الرجال والنساء كان يتجول بين المخيمات وهو يحمل أكواب القهوة والتي تحمل شعار تلك الشركة كنوع من التباهي والفخر، ما يدل على سطحية التفكير لديه.

من المعروف عن كثير من نساء الكويت أنهن لا يعرفن القرار في البيوت، ولذلك لم يكن من المستغرب أن ترى تجول الفتيات في مخيمات منى بحثاً عن الصديقات والقريبات، وكأن الأخوات هداهن الله قاعدات في الديرة وليس في أماكن الأصل فيها التفرغ للطاعة والعبادة.

من طرائف الحج أن أحد الحجاج ممن حرصوا على السكن في غرفة واحدة مع زوجته ضمن الخدمات التي تقدمها الحملات وطبعا بتكلفة مالية أكبر، أراد التخفيف من مناسك الحج فسأل مرشد حملته عن رغبته في الجمع بين طوافي الإفاضة والوداع، فأخبره المرشد بجواز ذلك على أنه لن يتمكن من التحلل الأكبر إلا بعد طواف الإفاضة، أي أنه لن يستفيد من وجود زوجته معه، فقال: نطوف أحسن.

شارع الحب

هناك شارع في الكويت لقبه الناس بشارع الحب وهو ملتقى للعشاق، وأرى أن من الأولى أن نسميه بشارع إبليس، لأن ما يتم فيه من مطاردات ومغازل بين الجنسين إنما يتم بوسوسة شيطانية، وبنزعات إبليسية، أما الشارع الذي قصدناه في مكة فهو أحد الشوارع الذي يقع أمام مقر إحدى حملات الحج الكويتية، حيث ان هذا الشارع ولقلة السيارات التي تمر فيه، كان بعض الحجاج يمارسون هواية المشي وبرفقتهم زوجاتهم، ولكثرة مرورهم أمام باب العمارة علق أحد الحجاج بقوله: يبدو أن شارع الحب قد انتقل إلى مكة.





عبدالعزيز صباح الفضلي

كاتب كويتي

Alfadli-a@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي