الاجتماع الأميركي – الفرنسي – السعودي حدّد فبراير موعداً لانعقاده... هل مدّد «فترة السماح»؟

لقاء باريس «يُهْدي» لبنان مؤتمر دعْم الجيش فهل «يَهْتدي» إلى طريق النجاة من الحرب؟

دخان غارة إسرائيلية على بلدة بلدة القطراني - قضاء جزين (أ ف ب)
دخان غارة إسرائيلية على بلدة بلدة القطراني - قضاء جزين (أ ف ب)
تصغير
تكبير

... «خبرٌ سارٌ ولكن». هكذا بدا وَقْعُ «الهَبّة الإيجابية» التي لاحتْ من باريس مع إعلانِ اتفاق الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية على عَقْدِ مؤتمرٍ لدعْم الجيش اللبناني في فبراير المقبل، على وقع سباقٍ تعيشه بيروت مع نهاية السنة التي جَعَلَتْها إسرائيل بمثابة «خط بدايةٍ» لحربٍ جديدة على «حزب الله» تسعى دولُ الرعايةِ للبنان لمنْع وقوعها عبر تحفيز الأخير على مزيدٍ من تفعيلِ مَسار سَحْبِ السلاح.

وجاء هذا الإعلان بعد اللقاء الـ «ما فوق عادي» الذي جَمَع كلاً من آن كلير لوجاندر (مستشارة الرئيس ايمانويل ماكرون) والموفد جان –ايف لودريان (عن فرنسا)، والموفدة مورغان أورتاغوس والسفير في بيروت ميشال عيسى (عن الولايات المتحدة)، والموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان في باريس مع قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل الذي كانت له أيضاً اجتماعات أخرى بينها مع قائد الجيوش الفرنسية العماد فابيان ماندون.

ولم تكد الخارجية الفرنسية تعلن عن فبراير موعداً لعقْد مؤتمر دَعْمِ الجيش اللبناني، من دون تحديد مكانه، حتى تمّ التعاطي في بيروت مع هذا التطور الذي طال انتظاره والذي يُعدّ مَكْسَباً للبنان، على أنه متعدّد البُعد والرسائل في ضوء مضمونه وتوقيته:

* فهو جاء على كتف انتهاء المرحلة الأولى من خطة الجيش اللبناني لسحب سلاح حزب الله في جنوب الليطاني في 31 ديسمبر، وتالياً يأتي على «نقطة تقاطُع» بين رغبة المجتمع الدولي في أن يُظْهِر لبنان جدية في ما خص مرحلة شمال الليطاني، وبين اعتبار الجيش أنه يحتاج إلى مساعدات ودعم لتحقيق التقدم المطلوب في حصر السلاح بيد الدولة وفق القرار الذي اتخذته الحكومة والخطة التنفيذية له التي وضعتْها المؤسّسة العسكرية.

*ان «قوةَ الدفع الثلاثية» الدولية – العربية للبنان، أي أميركا وفرنسا والسعودية، أعلنتْ ضمناً بالإفراج عن المؤتمر «الرضى» على ما حققه الجيش في جنوب الليطاني وعلى ما يُرَجَّح أنها سَمِعَتْه من العماد هيكل في ما خص المرحلة التالية (يُنتظر أن تكون بين الليطاني والأولي) ومواعيدها المُفْتَرَضة، وأظهرتْ ما يشبه «الجزرة» لبلاد الأرز على قاعدة أن الثبات على هذا المَسار والإقدام أكثر في اتجاه هدف حصر السلاح «يربح الدولة» الثقة الدولية ويُريحها في اجتذاب الدعم المطلوب للجيش وبعده لإعادة الإعمار، في الوقت الذي لا تتوانى إسرائيل عن رفْع «العصا» العسكرية التي ضربت في شكل أوسع جنوباً وتغوّلت حتى البقاع.

*ان القاطرةَ الثلاثية للواقع اللبناني أعطتْ بالتأكيد لبيروت موعد المؤتمر، وسط علامة استفهام حول هل يكون الوقت الفاصل عن فبراير اختباراً للحكومة (والجيش) لجهة مدى جدّيتها وقدرتها على «الفعل» شمال الليطاني، وفي الوقت نفْسه هل يَعْني ذلك أن ثمة تمديداً ضِمْنياً ثانياً لـ «فترة السماح» للبنان بعدما كانت واشنطن نجحت في دفْع تل أبيب لإرجاء ضربةٍ عسكرية واسعة (كانت «مُجَدْوَلَة» قبل أسابيع قليلة) حتى نهاية السنة الذي اعتبرتْه إسرائيل الموعد النهائي لسحب سلاح حزب الله بالكامل.

وفي الوقت الذي وصل إلى بيروت رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ساعياً إلى تعزيز المَساعي الرامية إلى تجنيب لبنان أي «عاصفة نار» جديدة وتوضيح المَخاطر وسبل «تعطيلها»، لم يكن عابراً أن تتولى الخارجية الفرنسية إعلان خلاصات الاجتماع الرباعي، حيث كشف المتحدث باسمها باسكل كوفافرو «اتفاق الأطراف المجتمعة في باريس على عقد مؤتمر لدعم الجيش اللبناني في فبراير المقبل»، و«أن محادثات باريس ركزت على كيفية إظهار إحراز تقدّم في نزع سلاح حزب الله».

وفي بيانها، أفادت الخارجية الفرنسية أنّ «هدفنا في لبنان تطبيق اتفاق وقف النار (27 نوفمبر 2024) وهو يشمل نزع سلاح حزب الله»، مضيفةً أنّه «إذا كانت هناك حاجة لتأخير الموعد النهائي لنزْع سلاح حزب الله، فسنناقش الأمر مع أطراف الاتفاق».

كما كشف قائد الجيوش الفرنسية أنه خلال اللقاء مع العماد هيكل «تم تبادل وجهات النظر حول الأوضاع الإستراتيجية والتحديات الأمنية في لبنان والمنطقة»، موضحاً «أن وجود القوات الفرنسية إلى جانب الجيش اللبناني يهدف إلى تحقيق هدف مشترك: المساهمة في الحفاظ على الاستقرار والسلام الدائم، مع احترام سيادة لبنان».

وفي بيروت أًعلن أن العماد هيكل أشار خلال لقائه ماندون إلى «الجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش لضمان أمن لبنان واستقراره، وتطبيق المرحلة الأولى من خطته في منطقة جنوب الليطاني ضمن الجدول الزمني المحدد لها»، وأنه شكر السلطات الفرنسية «على المبادرات المستمرة لدعم لبنان والجيش، في ظل المرحلة الاستثنائية الحالية»، وأن قائد الجيوش الفرنسية شدد على «أهمية دعم الجيش للحفاظ على أمن لبنان وسيادته واستقراره».

وقبيل اجتماع باريس الذي تَناوَلَ أيضاً ملف الحدود اللبنانية – السورية ومكافحة المخدرات والمخيمات الفلسطينية، نقلت «رويترز» عن دبلوماسيين «انّ مسؤولين من فرنسا والسعودية والولايات المتحدة سيجرون محادثات مع هيكل بهدف وضع اللمسات الأخيرة على خريطة طريق لتفعيل آلية لنزع سلاح حزب الله».

ولفت أربعة دبلوماسيين ومسؤولين من أوروبا ولبنان، إلى أنّ «اجتماع باريس يهدف إلى تهيئة ظروف أفضل لتحديد ودعم آليات عملية نزع السلاح والتحقُّق منها، بما يدفع إسرائيل للإحجام عن التصعيد، مع تزايد المخاوف من انهيار وقف النار».

وأضافوا أنّ «اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي ستجرى في لبنان في 2026 أثار المخاوف من أن يؤدي شلل سياسي إلى زيادة الاضطرابات في البلاد، ويثني الرئيس جوزف عون عن الضغط من أجل مواصلة عملية نزع السلاح، وأن الأخير لا يريد أن يجعل عملية نزع السلاح علنية أكثر من اللازم لأنه يخشى أن يؤدي ذلك إلى إثارة حفيظة الشيعة في الجنوب وتصعيد التوتر».

ولفت الديبلوماسيون والمسؤولون إلى أنّ «الفكرة الأساسية ستتركز على تعزيز آلية وقف إطاق النار القائمة، بخبراء عسكريين فرنسيين وأميركيين وربما أيضاً من دول أخرى إلى جانب «اليونيفيل» في ظلّ افتقار الجيش اللبناني للقدرات اللازمة لنزع سلاح حزب الله».

وفي الوقت الذي جاء تحديد موعد مؤتمر دعم الجيش عشية الاجتماع الثاني للجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف النار بصيغتها المُطَعَّمة بشخصية لبنانية دبلو – مدنية هي السفير السابق سيمون كرم وأخرى إسرائيلية وأخرى إسرائيلية دبلو - أمنية هي يوري ريسنك (مسؤول السياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي)، وسط معلومات عن أن هذا الاجتماع سيحضره لودريان وأورتاغوس، فإنّ الأفقَ الميداني العسكري بقيَ ضبابياً في ظلّ اعتبار أن لقاء الرئيس دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو في 29 الجاري سيكون وحده كفيلاً بحسْم «الخطوة التالية» لتل أبيب تجاه حزب الله رغم إعلانها«الجهوزية» لوجستياً وعلى مستوى الخطط لـ«إنجاز المهمة» وتوجيه «الضربة الحتمية»ضده والتي لا يمكن أن تحصل دون موافقة واشنطن.

على أن إسرائيل وبـ«الحزام الناري» جنوباً وتوغُّلها في الغارات نحو البقاع، وجّهت أكثر من رسالة وليس فقط برسم لقاء باريس و«تكريماً» لاجتماع «الميكانيزم» اليوم، كما قال الرئيس نبيه بري، بل أيضاً لجهة تكريس أنّ موضوع سلاح«حزب الله» له إطار عسكري يَحْكمه«في الميدان» وفق «موازين القوى»، التي لتل أبيب تفوق هائل فيها ويحدّد التصعيد فيه أم عدمه مدى تَقَدُّم الجيش اللبناني في تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية والتزامها بسحْب السلاح، وذلك بمعزل عن مآلات ومداولات لجنة«الميكانيزم» المعزَّزة التي لا تريدها «طاولة تَفاوُضٍ على ترسانة الحزب» بل إطاراً ناظماً لـ«اليوم التالي» لطيّ صفحة الحرب لمرة واحدة وأخيرة.

وفي هذا الإطار اعتُبر التصعيد الإسرائيلي، بمثابة استباقٍ لمعطياتٍ أشارت إلى أن اجتماع الميكانيزم اليوم سينتقل - و«بعد الاجتماع الافتتاحي» قبل 16 يوماً - إلى نقاشاتٍ معمّقة ستحدّد مسار «وظيفته»، على أن يطرح الجانب اللبناني مطالب وقف الأعمال العدائية كمدخل للغوص أكثر في النقاشات، ثم معالجة ملف الأسرى وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق.

وترافق ذلك مع مناوراتٍ بدأها الجيشُ الإسرائيلي، على الحدود مع لبنان، وسط تقارير عبرية عن أن شعبة الاستخبارات العسكرية خلصت إلى أن لقاء نتنياهو – ترامب سيرسم خريطة طريق لمستقبل التعامل مع لبنان وإذا كانت تل أبيب ستحسم ملف حزب الله أم سنتتظر مهلة زمنية.

ونقلت «يديعوت احرونوت» تقديراتِ الاستخبارات العسكرية بأن حزب الله يعمل على توسيع شبكة الأنفاق والمخابئ تحت المباني السكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، بهدف إخفاء غالبية أصوله العسكرية، وأن إيران ستزيد تمويل إعادة تأهيل الحزب إلى أكثر من 700 مليون دولار سنوياً، في محاولة للحفاظ عليه كمشروع إقليمي.

وفي سياق متصل، أوردت قناة «العربية/الحدث» عن مصدر مطلع أن إسرائيل أبلغت واشنطن أنه ليست لديها مهلة لاستعمال القوة العسكرية ضد لبنان وحزب الله، لكن الخيار موجود على الطاولة و«أن الجديد في الموقف بحسب ما يفهمه الأميركيون، هو أن الحكومة الإسرائيلية تعطي الآن هامشاً من الحركة للسلطات اللبنانية لكنها تُبْقي التهديدَ باستعمال القوة العسكرية قائماً»، و«ان الحكومة الإسرائيلية تقول لبيروت وواشنطن: ليس هناك جدول زمني (للضربة) ولكننا سنقوم بعمل عسكري لضرب قدرات حزب الله إن لم يقم الجيش اللبناني بذلك».

كما نقلت القناة عن مسؤول أميركي«أن واشنطن ترى أن الجيش اللبناني يقوم بأفضل جهد ممكن لديه»، لافتاً إلى أنه رغم ذلك هناك سبب للقلق «وإيران تنجح في تهريب السلاح والمال إلى حزب الله في وهذا يتسبب بكثير من زعزعة الأمن والاستقرار».

وأكد «أن الأولوية لدينا هي رعاية ومتابعة التحاور بين جميع الأطراف، والعمل من ضمن الآلية الموضوعة بين لبنان وإسرائيل، مع العمل على نزع سلاح حزب الله، وتلك الآليات تعطي لبنان فرصة للتعاطي مع المطالب الميدانية».

«قنبلة فرح» رغم المخاطر لبنان «محجوز بالكامل» في الأعياد

يستعدّ لبنان لأعياد تشي بأنها ستكون عامرة هذه السنة رغم المخاطر العسكرية و«المناخات الحربية».

فقد كشف نائب رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان طوني الرامي أنه كدورة سياحية، يشهد لبنان الذروة بين 22 الجاري و3 يناير «ويمكن القول إن لبنان محجوز بالكامل «fully booked» و«fully loaded»، ونحن نعلن جهوزيتنا الكاملة».

وقال في حديث لقناة LBCI اللبنانية: «نقول اعطونا السلام وخذوا منّا ما يُدهش العالم، فالسّلام لم يعد خياراً بل مساراً، وقداسة البابا لاون الرابع عشر وضَعَنا على طريق السلام».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي