إطلالة

فاطمة صديقيان... والحرب السيبرانية

تصغير
تكبير

ترى مَن هي فاطمة صديقيان كاشي، وماذا تعمل في الوقت الحالي، وما دورها مع الحرس الثوري الإيراني، ولماذا تبحث عنها الإدارة الأميركية ممثلة بوزارة الخارجية والاستخبارات، ولماذا أصبح اسمها مثيراً للجدل في الحرب السيبرانية العالمية، ولماذا يتداخل علم التكنولوجيا مع السياسة والأمن الدولي؟!

إن فاطمة صديقيان، مواطنة إيرانية وتعمل مهندسة وخبيرة كمبيوتر، تخصص أمن سيبراني (تقنية المعلومات) ولكنها ليست مهندسة عادية كالآخرين وإنما هي عضوة فاعلة في وحدة إلكترونية تابعة للحرس الثوري الإيراني واسمها وحدة شهيد شوشتري، وتسمى عند الخبراء السيبرانية الأميركان بأنها وحدة القوة الإلكترونية لإيران.

ففاطمة صديقيان، شابة جميلة وذكية تلفت الأنظار وتتميز بذكاء غير عادي، أي عبقرية في علم الحاسوب السيبراني، ومن خلال نشاطها المميز اتهمتها الولايات المتحدة الأميركية بأنها جزء من أخطر هجوم سيبراني إيراني في العشر سنوات الأخيرة حيث سبق لها المشاركة في هجمات سيبرانية ايرانية على جهات أميركية مختلفة مثل شبكات الطاقة والمؤسسات الحكومية وشركات الشحن والاتصالات ووحدات البنوك والنقل البحري والسياحة، بل حتى وسائل الإعلام المختلفة، وهذا يعني أن فريقها السيبراني لم يترك جهة أو وحدة أميركية إلا وهاجمها في عقر دارها، وتتهمها الولايات المتحدة بأنها قامت بعرقلة عملية الانتخابات الأميركية السابقة في عام 2020 حسب ما أفادت وزارة العدل الأميركية، ما يعني أن صديقيان، كانت عاملاً مؤثراً في تعطيل مجريات العملية الانتخابية، وبالتالي تكون مجموعة صديقيان السيبرانية ليست (هكراً) عادياً، كونها ساهمت في تعطيل العملية الديموقراطية الأميركية فقد قامت بتنفيذ حملات اختراق معلوماتية معقدة استهدفت من خلالها بيانات مهمة وأنظمة حساسة، وهذا ما أرعب السياسة الأميركية ومجرياتها، فالموضوع لا يقتصر على الهجوم السيبراني الإيراني أو حرب إلكترونية ولكن هذا الاختراق يعتبر حرباً معلوماتية كاملة الأركان أدت إلى خسائر مالية كبيرة في جميع قطاعات الطاقة ومراكز المصارف والسفر بملايين الدولارات.

وهذا ما جعل وزارة الخارجية الأميركية أن تصدر بياناً شديد اللهجة، تفيد لمن يدلي بأي معلومات من شأنها أن توصلهم إلى المهندسة فاطمة صديقيان، فله مكافأة مالية تقدر بـ 10 ملايين دولار، وبالتالي فالمبلغ المرصود ليس مبلغاً عادياً او شخصاً عادياً بل شخصية مطلوبة حياً أو ميتاً لأنها تمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأميركي.

وفي الوقت نفسه، لمع اسم المهندس محمد باقر شيرينكار، كشريك متورط مع فريق فاطمة صديقيان، وتم عرض المكافأة المرصودة نفسها لمن يدلي بمعلومات عنهما، فيما ترى الولايات المتحدة الأميركية أن الموضوع خطير ولا يرتبط بفرد واحد وإنما هي شبكة سيبرانية كاملة من ضمن الشبكات الإيرانية التي عملت منذ سنوات في عمليات التخطيط والتنفيذ لهجمات سيبرانية متعددة، وما يلفت الأنظار هنا أن مجموعة صديقيان نفسها لا تعتمد على اسم ثابت لها بل تقوم هذه المجموعة بتغيير اسمها السيبراني بين حين وآخر كلما شعرت بمحاصرة مجموعتها، ثم تعيد استئناف عملها حينما تشعر بالأمان فتنتقل من مكان إلى آخر حتى لا تتوقف عن نشاطها السري.

وأفادت الولايات المتحدة الأميركية أن الهجمات السيبرانية التابعة لفريق صديقيان وآخرين قد نجحت بالوصول إلى دول أوروبية ودول شرق أوسطية، فتسببت بخسائر مالية تقدر بملايين الدولارات من خلاله تعطيل وتهكير أنظمة بلدان كاملة، وبالتالي فإن الخبيرة فاطمة صديقيان، تعتبر للولايات المتحدة الأميركية هي ليست (هكراً) أو قناصة سيبرانية فقط ولكنها جندية ومقاتلة شرسة خاضت حرباً إلكترونية عالمية ما بين إيران وأميركا.

أما اليوم فنشاهد إيران وهي تلتزم السكوت فلا تعتزم التأكيد أو النفي عن هذه المعلومات بل التحفظ على أي خبر سيبراني قد يخصها.

ففي النهاية يحق لنا أن نتساءل: هل تعتبر الخبيرة فاطمة صديقيان، العقل السيبراني المدبر للحرس الثوري الإيراني، وهل هي أخطر عقل سيبراني يستحق رصد مكافأة

بـ 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنها، أم ما هي إلا ورقة سياسية أو أداة ضغط تستخدمها الولايات المتحدة الأميركية للضغط على إيران في ملف سلاحها النووي طالما أن هناك نزاعاً أزلياً متصاعداً بين الطرفين؟!

ما نريد قوله هنا: أن المهندسة الخبيرة السيبرانية الإيرانية فاطمة صديقيان، ليست شخصية عامة بالمعنى التقليدي بل هي فتاة أسطورية ذات قوة سيبرانية فريدة ظهرت في الساحة الدولية من خلال مهنتها لتثبت وجودها كقوى فاعلة ضمن نزاع رقمي وسياسي بين القوى الكبرى، وبالتالي سيظل اسمها محور جدل واسع بين صراعات دول العالم في القرن الحادي والعشرين.

ولكل حادث حديث،،،

[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي