قيم ومبادئ

الحكمة الإلهية

تصغير
تكبير

يعتقد بعض الناس أنه إذا أفصح عمّا في ضميره في الإصلاح ومحاربة الفساد ومحاربة اليهود فإنه يعلّم الله ويخبره بدينه الذي هو عليه؟ فرد الله عليهم هذا الرد الإلهي بأن علم الله شامل للأشياء كلها صغيرها وكبيرها ومن جملتها ما في القلوب والضمائر من الإيمان والكفران والبر والفجور، فإنه تعالى كتب كل هذا بعد علمه به قبل أن يخلق الخلق (أول ما خلق الله القلم فقال أكتب؟)

فقال: يا ربّ وما أكتب؟

قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، فجرىٰ القلم يكتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة «وما يعزبُ عن ربك من مثقال ذرةٍ في الأرضِ ولا في السماءِ»، فالله تعالى أعلم بأحوالكم كلها وما جبلكم عليه من الضعف والخور عن كثير مما أمركم الله به.

ومن كثرة الدواعي إلى المحرمات وشدة الجواذب إليها مع عدم الموانع القوية والضعف ملازم للإنسان من بدايته إلى نهايته ولهذا ناسبت الحكمة الإلهية والجود الرباني أن يتغمّدكم برحمته ومغفرته ويغمركم بإحسانه ويزيل عنكم الجرائم والمآثم، خصوصاً إذا كان العبد مقصوده مرضاة ربه في جميع الأوقات، مع سعيه في ما يقربه إلى ربه في أكثر الآنات وخوفه وفراره من الذنوب التي يتمقّت بها عند مولاه، ثم تقع منه الفلتة بعد الفلتة فإن الله أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، فهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها.

ولمثل هذا جدير أن يكون من مغفرة ربه قريباً وأن يكون الله له في جميع أحواله مجيباً، ولهذا قال تعالى مرشداً وموجهاً (فلا تزكوا أنفسكم) أي تخبرون الناس بطهارتها على وجه التمدّح لأنه أعلم بمَنْ أتقى فإن التقوى محلها القلب والله مطّلع عليه ومجازي الناس جميعاً على ما فيه من بر وتقوى.

وجاء في الحديث (والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة أحد منكم بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمةٍ منه وفضل) وهذا دليل على أن مجرد العمل ليس سبباً لدخول الجنة بحد ذاته، بل لابد من عفو الله ورحمته سبحانه وتعالى فالذين دخلوا الجنة دخلوها بأسباب عملهم ولكن الذي أوجب ذلك رحمته سبحانه وعفوه ومغفرته.

بمعنى أوضح أن الجنة ليست عِوضاً عن عملك الصالح فحسب، لكن برحمة الله ومغفرته وفضله حصل بذلك قبول العمل ودخول الجنة والنجاة من النار فهو الذي تفضّل بإعانتك على الصلاة والصيام والزكاة والحج ويسّر لك العمل الصالح كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة الفساد في الأرض، وأعانك عليه فكل خير منه سبحانه وتعالى، ثم تفضل بثوابك وإدخالك الجنة ونجاتك من النار.

فالمعوّل عليه عفوه ورحمته لا عمل العبد وسعيه وكدّه، فلو شاء الله لما كان منك هذا العمل ولم توفّق له ولكن الله وفقك وهداك واجتباك فله الشكر وله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون.

ومع هذا نجد الأحداث الأخيرة مثل الحراك السياسي وطوفان الأقصى وما آلت اليه الأمور بعدها علّمت الناس حقيقة المفسد من المصلح؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي