مهما يكن من تعدد المذاهب وتشعبها في رؤوس قادتها، فرأس الحكمة كلها في سياسة الدول... نقول إن الأمة الفاسدة لن تتولاها حكومة قديسين، وأن الأمة الصالحة لن تتولاها حكومة فاسدين.
وأول ما يتبادر إلى ذهن القارئ بعد مراجعة المذاهب والأحزاب المحظورة، أنها تتقاسم بينها صور الإرهاب والتطرف وتتقاسمه على حصص متفاوتة، وليس بينها مذهب ينفرد بالصواب كله، وهي على تناقضها من ناحية، ويتمم بعضها بعضاً من نواح أخرى، بحيث يحتاج السياسي الحصيف إلى معرفة فكر كل حزب، ليهتدي بها جميعاً في معرفة الواقع الذي تعاني منه الشعوب والأنظمة وسبب تخلفها.
وتكاد تتفق جميع الأحزاب المحظورة على استحالة وجود (المدينة الفاضلة) التي نادى بها أفلاطون، وهي التي تتعلق بها أحلام الجماهير وطلاب السعادة ويحسبونها نهاية الشقاء وبداية النعيم المقيم في هذه الحياة. فمهما تتبدل النظم وتتغير الحكومات فلن تنقطع أسباب الشكوى من هذه الحياة الإنسانية، ولعل ارتقاء الناس في معارج الحريات والحقوق المدنية، يبعث في نفوسهم أسباباً للشكوى جديدة لم يشعروا بها في عهد الجهل وقلّة ذات اليد فإن الشكوى تأتي مع الشعور بالكمال، كما تأتي مع الشعور بالنقص، وتأتي من حرية التعبير كما تأتي من فقدان (حرية الرأي)، بل لعل الارتقاء في الحريات السياسية والشخصية العامة، أقرب إلى مزيد من الشكوى والفساد والظلم والتزوير من عهد الركود والتقليد والجمود! كما أن الحرية السياسية أدعى إلى التذمر والتسخط من القسر والخوف؟
ومن العبث أن نقول إن نظاماً من نظم الحكم أو الإنتاج سوف يختم التفاوت بين الناس ويُبطل دواعي الأمر والسمع والطاعة بين جماهير الحكام والرعايا!
فقد عهد الناس دائماً أن القوة تجلب الثروة، كما عهدوا أن الثروة تجلب القوة وسيظل التفاوت بينهم في البأس والذكاء والهمة والحيلة باباً من أبواب الاختلاف في حظوظ الجاه والسيادة وما من حيلة قط تقضي على دواعي التفاوت بين بني ادم وحواء إلا بميزان العدل الإلهي
«إنّ أكرَمكم عند اللهِ أتقاكم» وليس أكثركم عنفاً وتطرفاً!
وختاماً انظروا كم عدد الأحزاب في البلاد العربية والإسلامية؟ وماذا جنينا منها إلى الآن؟ على الرغم من أقدمها ابتداءً في القرن الثامن عشر الميلادي؟ ولا يزال أتباعها يرددون الأسطوانة نفسها ولم تتقدم الأمة إلى الأفضل!
وانظروا إلى تواريخ الثورات أصبحت أرقاماً في صفحات رزنامة الجدار السنوية!
وهذه الكتب الثورية الإسلامية منها والقومية تباع في المكتبات ولا من مشترٍ لها!
فهل وصلت الرسالة! شيلوا عفشكم!