نستكمل الجزء الثاني من عنوان المقال، وقد توقفنا عند اليوم الحزين وهو يوم الفراق الذي اضطر الملياردير إيلون ماسك، لتقديم استقالته من منصبه كرئيس لوزارة كفاءة الحكومة الملقبة بـ DOGE في غضون 130 يوماً من بداية مباشرة عمله، معتبراً أن استقالته من الوزارة ورحيله من إدارة ترامب هي «خيبة أمل» حقاً!
إنها خيبة أمل بعد أن أهداه الرئيس ترامب المفتاح الذهبي لوزارته، ولكن سرعان ما رد عليه ترامب، قائلاً: رأيت رجلاً ويقصد ماسك، إنه في غاية السعادة وهو يقف خلف المكتب البيضاوي مع وجود كدمه على عينه، وقد سألته في حينها: هل تريد بعض المكياج لكدمة العين؟ قال: لا أعتقد ذلك، مضيفاً: كانت علاقتي مع إيلون ماسك، رائعة ولكن لا أعرف إن كنا سنستمر على هذا المنوال بعد الآن، وقال: لقد فوجئت من ماسك وخاب ظني فيه!
لقد كان الجميع في هذه الغرفة البيضاوية حاضرين عندما حظينا بحفل وداع رائع، ففي الوقت نفسه كان إيلون ماسك، يثق في الرئيس ترامب وفي أخلاقه والدليل على ذلك كان يترك ابنه الصغير «X» بمفرده مع ترامب أكثر الأوقات لأن ترامب كان يحب الطفل X كثيراً ويعامله كأحد أبنائه ولا ينزعج من تصرفاته في المكتب البيضاوي.
وقد أكد الرئيس ترامب أنه محق بدعمه مشروع القانون الذي يموّل أجندته التشريعية وخطته المستقبلية لاسيما أن إيلون ماسك، كان يعرف بكل التفاصيل لهذا القانون ولم يكن لديه أي اعتراض على ذلك إلا أن أصبحت لديه مشكلة فجأة عندما اكتشف أننا سنضطر إلى خفض الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية، ورغم ذلك لم يتحدث عني بشكل سيئ شخصياً، ولكنني متأكد أن هذا سيكون التالي، لذا أشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه تصرفات إيلون ماسك... إلا أن الأمر لم يطل بعيداً حتى بدأ إيلون ماسك بالرد عليه عبر منصته في «X» ووصف سلوك الرئيس ترامب، بالجحود بعينه، قائلاً: كان دونالد ترامب سيخسر الانتخابات الرئاسية لولا دعمي المالي والمعنوي له مستخدماً كلمة (without Me) وخاتماً بكلمة Such ingratitude ويقصد ياله من جحود، وهي كلمة تدل على نكران الجميل وعدم الإخلاص...
وبعد كل هذه المناورات من الأحداث المتسارعة انحدر سهم Tesla بنسبة 10 في المئة تقريباً لتصبح القيمة السوقية للشركة دون الـ1 تريليون دولار بعد الانخفاض الواضح لسهم الشركة في عملية تداولات أسواق المال، في حين قال الرئيس ترامب على منصته إن أسهل طريقة لتوفير المليارات من الدولارات للميزانية هي إنهاء الدعم الحكومي وإنهاء عقود إيلون ماسك، لطالما لم يتجرأ بفعله الرئيس السابق جو بايدن، مضيفاً أن ماسك كان يضعف كثيراً أمام هذه القرارات، فطلبت منه المغادرة ثم سحبت منه الدعم الحكومي الذي يخص سياراته الكهربائية ولن يجبر الجميع على شرائها طالما لا يريدها أحد، مضيفاً في تغريداته «كان ماسك يعلم أنني سأفعل ذلك من أشهر عدة ولكنني أستغرب من إصابته بالجنون، فرد ماسك في منصته وهو غاضب Time to drop the really big bomb أي بمعنى أن هذه كذبة واضحة منه وأنا حزين جداً... لذلك حان الوقت لإسقاط القنبلة الكبيرة حقاً...
وما أقصده هنا أن دونالد ترامب اسمه موجود في ملفات المليونير جيفري إبستين، وبسبب تورطه معه كان ترامب يعارض السماح بنشر قصته الشهيرة حتى لا ينفضح أمره، قائلاً: بالفعل كلنا نعلم عن تورطه مع زوجته ميلانيا لأنهما الاثنين أصدقاء لجيفري إبستين، وقد حقق ماسك أكثر من 100 مليون مشاهدة حينما نشر فيديو لترامب مع جيفري إبستين، المتهم بارتكاب جرائم جنسية واستغلال جنسي ما جعله ينتحر في السجن قبل محاكمته، إلا أن هناك أوساطاً مقربة من الحدث تفيد بأنه تم تهريب إبستين إلى جهة غير معلومة ولم ينتحر!
وبالتالي هناك صراع بين أغني رجل في الولايات المتحدة الأميركية وأقوى رجل يدير أقوى دولة في العالم، وما يلفت النظر هنا طريقة التصعيد الخطير بين ماسك وترامب وتطور خلافاتهما إلى اتهام علني في منصات التواصل الاجتماعي، فكان ملف جيفري إبستين، هو الأخطر على الإطلاق وبالتالي ليس سهلاً أن يذوب جليد الخلاف سريعاً!
وفي خضم هذه الأحداث المتسارعة نلاحظ انضمام المليادير الأميركي راي داليو، إلى قائمة معارضي سياسة دونالد ترامب، الذين يقرعون جرس الإنذار المبكر بشأن مستقبل الولايات المتحدة الأميركية أمام الاقتصاد، محذراً إدارة ترامب من أن الولايات المتحدة الأميركية تقترب إلى نقطة اللاعودة في أزمة ديون جديدة قد تهدد استقرار أكبر اقتصاد في العالم وأن اقتصاد أميركا قرب «دوامة الموت».
فاليوم قد خرج إيلون ماسك، من إدارة حكومة الرئيس دونالد ترامب ولم تتحقق أحلامه الاقتصادية، وهذا بالطبع شيء مؤلم بعد جهوده الكبيرة في دعم الرئيس ترامب منذ بداية حملته الرئاسية الماضية.
وتقلد المليادير إيلون ماسك منصب رئاسة وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) وفرحته بتسلم أغلى مفتاح ذهبي للوزارة أمام أعين العالم، ولكن هذا الأمر لم يستمر في حين هناك وسائل إعلامية سلطت الضوء على التدهور الحاد في العلاقة بين دونالد ترامب وإيلون ماسك، التي كانت توصف يوماً بأنها واحدة من أكثر التحالفات نفوذاً وإثارة في السياسة الأميركية الحديثة، فبعد ظهور نشط للمياردير ماسك، إلى جانب ترامب، في بداية الولاية الثانية إلى مرحلة شبه اختفاء من المشهد السياسي وهذا شيء مريب! حقاً إنه من الصعب حينما نشاهد هذا التحول من شخص كان رئيساً لكفاءة الحكومة ثم يتحول إلى شخصية غير مرحّب بها في إدارة ترامب، بل ما يثير الأمر غرابة حينما نجد ترامب قد توقف تماماً عن ذكر اسم إيلون ماسك، في تغريداته ومنشوراته على «Truth Social» منذ فترة طويلة بعد أن كان يذكره أربع مرات أسبوعياً!
ويبقى السؤال هنا: هل سيكون للمياردير إيلون ماسك، دور مهم في إزاحة الرئيس دونالد ترامب من منصبه بعد نشر فضائحه الأخيرة مع جيفري إبستين، أم أن عودة الاثنين ترامب وماسك ستكون يوماً في المستقبل القريب؟!
ولكل حادث حديث.