في جلسةِ حوارٍ مع سلام شاركتْ فيها «الراي»
رئيس الحكومة اللبنانية: مَسارُ جَمْعِ السلاح يتم استكمالُه... والحكومةُ مصمّمةٌ على تنفيذه
- نثمّن رَفْعَ بعض دول «الخليجي» الحظرَ عن سفر رعاياها إلى لبنان... والاتصالات قائمة مع السعودية بهذا الشأن
- أنا واثق أن «حزب الله» لا يصدّق كلامه عني... وبحقي
- الإيرانيون لم يعودوا يتحدّثون عن سيطرتهم على 4 عواصم عربية
- عراقجي أهداني سجادة عجمية واستفاض بالحديث عن تطوير علاقات إيران مع الدول العربية
- حَصْرُ السلاح بيد الدولة نصّ عليه اتفاق الطائف وخطاب القسَم والبيان الوزاري
- السلاح الفلسطيني قابِل أن يتحوّل... سلاح فتنة
- مع الأسف كان لبنان يصدّر الكتبَ والكفاءات والعقول... ثم أصبح يصدّر بعد استباحته المخدرات والكبتاغون
بدا رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أخيراً، وكأنه في «عين العاصفة» بعدما تحوّل هدفاً لحملاتٍ علنية وضمنية، بعضُها لإمساكه بـ «الكتاب (الدستور) بيمينه»، وبعضُها لأنه جاء إلى السرايا الحكومية من خارج النادي السياسي التقليدي أو ما يُعرف في بيروت بـ «المنظومة».
لا يتقن سلام المناورات التي غالباً ما تتخذ شكل «ألاعيب سياسية». فهذا الحقوقي والدبلوماسي، الذي «حَكَمَ العالم» يوماً حين ترأس مجلس الأمن، يميل إلى تسمية الأشياء بأسمائها في بلادٍ تختبر نهجاً جديداً، في ضوء التحولات الجيو- سياسية من حولها.
ولم تكن عابرةً الهتافاتُ التي أَطْلَقَها مناصرو «حزب الله» في أحد المباريات الرياضية ضدّ سلام ووصْفه بـ «الصهيوني»، وهو الذي وقف باكراً في العام 1974 مع خيرةِ طلاب لبنان في المتراس الأمامي في كفرشوبا الجنوبية، وترأس في 2024 محكمة العدل الدولية التي اتّهمت إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة.
وبعد رسائل متبادلة، بين رئيس الحكومة و«حزب الله»، بعضّها ودي، وبعضها أقلّ وديةً، زاره أمس في السرايا الحكومية وفدٌ من الحزب برئاسة رئيس كتلته البرلمانية النائب محمد رعد حيث عُقد لقاء طغتْ عليه المكاشفةُ وما بدا أنه محاولة «غسل قلوب».
وقبل هذا اللقاء استضاف سلام على مائدة مستديرة مجموعة من الصحافيين كانت بينهم «الراي» في حوارٍ أقرب إلى دردشةٍ حيال عناوين الساعة في لبنان... حصْرُ السلاح بيد الدولة، معاودة الإعمار، خطة تَسَلُّمِ السلاح الفلسطيني، العلاقة مع «حزب الله»، عودة لبنان إلى حضن العرب وعودتهم إلى ربوعه.
بدأ سلام كلامه من الملف الداهم والترابط بين إعادة الإعمار وحصْر السلاح بيد الدولة، فقال «هناك نقطتان أساسيتان ما بين السلاح وإعادة الإعمار، أولاً نحن نلتزم تطبيق اتفاق الطائف وحصْر السلاح بيد الدولة وسيطرتها على كامل أراضيها بقواها الذاتية، ومَن لا يريد تنفيذ هذا الاتفاق فليقُل إنه خارجه. لقد تعهّدنا تطبيقَ كل ما لم يُنفّذ من الطائف، وأيضاً استندْنا على خطاب قَسَمِ رئيس الجمهورية، وعلى البيان الوزاري الذي تمّت الموافقة عليه»، لافتاً إلى أن الكتلة البرلمانية لـ«حزب الله» كانت من بين الذين مَنَحوا الثقةَ للحكومة على أساس بيانها الوزاري.
أما عن آلية سحْب السلاح، فأكد أن الحكومةَ تتابع هذا الأمر «وطرحناه على جلسةٍ لمجلس الوزراء وشَرَح قائد الجيش (العماد رودولف هيكل) لنا الاجراءاتِ المتَّخَذةَ في الجنوب وتوسيع انتشار الجيش وتفكيك المواقع، وهذا المسار يتم استكمالُه، والحكومةُ مصممة على تنفيذه».
وشدد سلام، رداً على سؤال لـ «الراي»، على ضرورة سَحْبِ السلاحِ الفلسطيني بناءً على الاتفاقِ مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس «الذي طَرَح علينا الأمرَ خلال زيارته لبيروت أخيراً حيث كرّر ما قاله قبل 10 أعوام عن حق الدولة اللبنانية في بسْط سلطتها على المخيمات، ونحن بادَرْنا إلى وَضْعِ الإطارِ الزمني والعملاني لِتَسَلُّم سلاحِ المخيمات».
وأضاف: «قد تكون هناك صعوباتٌ داخليةٌ تواجهها منظّمة التحرير، ولكن الدولة اللبنانيةَ تلتزم ببسط سيادتها الكاملة، وهذا السلاح الفلسطيني قابِلٌ لأن يتحوّل سلاح فتنة فلسطينية - فلسطينية أو فلسطينية - لبنانية. وقوة فلسطين في العالم اليوم هي بعدد الدولِ التي تَعترف بها».
واستغرب رئيس الحكومة، اندفاعة «حزب الله» الى الاستنفارِ وشنّ الهجوم عليه، مشيراً إلى أن «ربما ما أَزْعَجَهُم هو كلامي على انتهاء عصر تصدير الثورة، ولكن الايرانيين لم يعودوا يتحدثون بذلك، ولم نَعُدْ نسمع كلامَ إيران عن سيطرتها على 4 عواصم عربية، أو سيطرتها على أكثرية نيابية (في البرلمان بعد انتخابات 2018)، هذا الأمر انتهى الآن. وربما أَزْعَجَهُم ما اجتزئ من كلامي حول السلام، وأنا كنتُ واضحاً بشدةٍ في شأن التمسك بمبادرة السلام العربية التي أُقرت في بيروت العام 2002، وتنصّ على قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وتَحفظ حق العودة. وهو ما كَرَّرْتُه على قناة سي ان ان. وأنا واثِق أن حزب الله لا يصدّق ما يقوله عني وبحقي».
تحميلي المسؤولية
ورأى رئيس الحكومة «ان حزب الله يحاول أن يحملني مسؤولية عدم إعادة الإعمار، علماً أننا نعمل في الحكومة بكل تفانٍ في سبيل الحصول على المساعدات اللازمة لإعادة الإعمار، وحَصَّلْنا مبلغاً مالياً بقيمة 325 مليون دولار، ونسعى إلى رفْع هذا المبلغ الى مليار من خلال تكثيف حركتنا. ويومها عقدْنا جلسةً حكوميةً في الصباح الباكر - في مراعاةٍ لفارق الوقت مع واشنطن - لتعيين رئيسٍ لمجلس الإنماء والإعمار بالتزامن مع الاجتماعات في البنك الدولي لتحصيل المساعدات»، لافتاً إلى أنه يُقال إن دولاً تشترط لتقديم المساعدات أن يتم إيجاد حل لحصْر السلاح بيد الدولة «ولكن نحن لم نتبلغ بذلك، ومازلنا نسعى مع كل الدول والجهات المانحة ومع الدول العربية ايضاً، ونحن لا نتقاعس في هذا الشأن».
وعن زيارة وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي للبنان، قال سلام «أهداني سجادة عجمية، وقد استفاض في الحديث عن تطوير علاقات ايران مع الدول العربية خصوصاً المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات، وعبّرتُ له عن سعادتي بهذا التطور والانفراج في العلاقات بين إيران والدول العربية على قاعدة الاحترام المتبادَل»، كاشفاً عن أن عراقجي «ركّز على فتْح صفحة جديدة في العلاقات مع لبنان وعدم التدخل بشؤون الآخَرين».
زيارة «ودية»
وإذ وصف سلام زيارة عراقجي بأنها «ودية وهدفت الى مقاربة العلاقات مع لبنان من ضمن مقاربة إيران لعلاقاتها مع الدول العربية»، قال رداً على سؤالٍ حول مطالبة الوزير الإيراني بمعاودة تشغيل الرحلات المباشرة بين طهران وبيروت أنه أبلغ الى عراقجي «أن هذا الأمر خاضع لاعتبارات أمنية لبنانية»، وموضحاً أن رئيس الدبلوماسية الإيرانية عَرَضَ أيضاً استعدادَ بلاده للمشاركة في إعادة الاعمار ضمن أطر العلاقة بين الدولتين.
رفع حظر السفر
«لبنان عاد إلى العرب، لكن عودة العرب إليه ترتبط بمقتضياتٍ لابد من تأمينها، فهل أنتم في صدد الاستجابة لها»؟ سؤالٌ وجّهتْه «الراي» إلى رئيس الحكومة، الذي أجاب «لمسْنا من الأشقاء العرب كل المحبة والود للبنان، واستجبنا لمطالب ترتبط بالأمن والسلامة. ومَن يزُر مطار رفيق الحريري الدولي يكتشف حجم التغييرات. والورشة على الطريق من المطار وإليه تَجري على قدم وساق، وقمنا بتفعيل الشرطة السياحية، ونواكب عن كثب كل ما من شأنه طمأنة الرعايا الخليجيين والعرب والزوار».
وإذ ثمّن سلام في الإطار نفسه رَفْعَ بعض دول مجلس التعاون الخليجي الحظرَ عن سفر رعاياها إلى لبنان، أشار إلى «أن الاتصالات قائمة مع السعودية في شأن مسألتين: رفع الحظر عن سفر رعاياها، وفتْح أسواقها أمام الصادرات اللبنانية. فمع الأسف كان لبنان يصدّر الكتبَ والكفاءات والعقول، ثم أصبح يصدّر بعد استباحته المخدرات والكبتاغون»، لافتاً إلى «أن الحكومة جدية في اتخاذ جميع التدابير لضبط معابرها واستقدام كل ما يلزم من أجهزة من أجل ذلك».
قانون الانتخاب
والانتخابات النيابية المقبلة وإمكان تعديل قانون الانتخاب، أشار إلى أن «القانون الحالي يخصص 6 مقاعد (تضاف إلى الـ128) للاغتراب، وهناك اقتراح قانون مقدَّم من مجموعة من النواب لإلغاء المقاعد الستة والعودة الى ما كان عليه الأمر في الدورة الماضية (أي اقتراع المغتربين لعموم أعضاء البرلمان وكلٌّ منهم في دائرته الانتخابية). علماً أن قانون الانتخاب يحتاج الى ورشة كبيرة، وبغضّ النظر عن نظام الاقتراع، فهناك الكثير من الأمور الإجرائية التي يمكن مقاربتها».