في ظل التنافس الاقتصادي العالمي المتصاعد، بدأت الولايات المتحدة باتباع نهج أكثر حدة في سياساتها التجارية تجاه عدد من الدول، على رأسها الصين وروسيا، إضافة إلى بعض حلفائها التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي والهند. هذه السياسات تتراوح بين فرض رسوم جمركية وعقوبات اقتصادية، وصولاً إلى قيود على التكنولوجيا والموارد الحيوية.
خلفية التوترات التجارية
بدأ التصعيد الاقتصادي بشكل واضح منذ إدارة الرئيس الأميركي الأولى دونالد ترامب، ضمن سياسة «أميركا أولاً» الهادفة إلى حماية الصناعات الوطنية وتعديل موازين التجارة العالمية. وعلى الرغم من قدوم إدارة جو بايدن، فإن النهج الأميركي لم يتغير كثيراً، بل اتسع ليشمل ملفات أكثر تعقيداً مثل الأمن القومي والتكنولوجيا.
الصين: الشريك المنافس
تعتبر الصين الهدف الرئيسي للضغوط التجارية الأميركية، إذ فرضت واشنطن قيوداً مشددة على شركات صينية كبرى تعمل في مجالات الاتصالات والذكاء الاصطناعي، ومنعت تصدير تقنيات متقدمة مثل أشباه الموصلات. وردّت بكين بإجراءات مماثلة، وبدأت بتقليل اعتمادها على المنتجات الأميركية، مما عمّق التوتر بين القوتين الاقتصاديتين.
روسيا والعقوبات الموسّعة
منذ بدء الأزمة الأوكرانية، قادت الولايات المتحدة حملة عقوبات كبيرة على الاقتصاد الروسي، مستهدفة قطاعات الطاقة، البنوك، والشركات الكبرى. ورغم أن هذه العقوبات تهدف إلى الضغط على موسكو، إلا أن تأثيرها امتد إلى أسواق الطاقة العالمية وأدى إلى ارتفاع في الأسعار وتوترات في سلاسل الإمداد.
اختلاف في الرؤى مع الحلفاء
حتى الحلفاء التقليديون لم يسلموا من السياسات الاقتصادية الأميركية الجديدة. فقد ظهرت خلافات مع الاتحاد الأوروبي حول دعم الشركات، كما تبادلت واشنطن ونيودلهي فرض الرسوم الجمركية على عدد من السلع. وأثارت حزمة الدعم الأميركية للطاقة النظيفة قلق بعض الدول الأوروبية التي رأت فيها تهديداً لمنافستها الصناعية.
النتائج الاقتصادية العالمية
الضغوط التجارية الأميركية ساهمت في تباطؤ التجارة الدولية، وارتفاع التكاليف على المستهلكين، وتعزيز التوجه نحو التكتلات الاقتصادية البديلة. كما دفعت بعض الدول إلى تنويع شركائها التجاريين وتقليل اعتمادها على السوق الأميركية.
السياسات التجارية الأميركية الحالية تعكس تحولات في موازين القوى العالمية، وتؤشر إلى حقبة جديدة من المنافسة الاقتصادية الشرسة. وبينما تسعى واشنطن لحماية مصالحها الإستراتيجية، فإن العالم بأسره مطالب بالتكيف مع واقع اقتصادي جديد يتسم بالتوتر والتقلب المستمر.