طهران أمّنت الحماية لأكثر من 91 موقعاً حساساً... و«بنك أهدافها» يشمل رئاسة الأركان في تل أبيب
إيران وإسرائيل على حافة... «الهاوية الآمنة»
- 4 رسائل أميركية لإيران:
- عدم الانجرار وراء حرب نتنياهو
- الامتناع عن الرد على استفزازات إسرائيل
- خفض التصعيد في العراق والبحر الأحمر
- سنبذل كل ما بوسعنا لاحتواء الصراع
في خطوةٍ تبدو انتقاميةً ولكن محسوبة، قررتْ إيران توجيه ضربة مباشرة لإسرائيل رداً على تدمير قنصليتها في دمشق.
وكشفت مصادر إيرانية موثوقة، أن أحد الأهداف التي وُضعت قيد الدرس في «بنك الأهداف» الإيرانية للتدمير في الردّ الأول أو ما يليه، إذا فرضت الحاجة ذلك، هو مقرّ رئاسة الأركان الإسرائيلية.
ووفق المصادر، اقترح أقوى حلفاء إيران المشاركة في الرد، إلا أن المرشد الأعلى السيد علي خامنئي رفض الاقتراح، وذلك تأكيداً على حق طهران وحدها بالردّ بعد فشل مجلس الأمن (بالفيتو الأميركي - البريطاني - الفرنسي) في إدانة المعتدي وفرض العقوبات عليه لخرقه القوانين الدولية واتفاقية جنيف عام 1961 التي تفرض حماية المواقع الديبلوماسية. لكن هذا لا يعني أن الحلفاء لن يدخلوا الحرب مباشرة إذا ردت إسرائيل على الرد الإيراني الأول. ولهذا السبب، فإن طهران تدرس الرد المناسب «لمعاقبة إسرائيل»، كما قال خامنئي.
ولا تهدف إيران إلى تدمير إسرائيل أو تدمير مواقع عدة أو الانتقام بطريقةٍ تشعل حرباً شرق أوسطية يتمناها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المأزوم داخلياً وخارجياً والذي يبحث عن مَخرج لأزمته الحادة.
بل حتى ولو استطاعت إسرائيل وأميركا وبريطانيا وألمانيا (التي تنتشر قواتها في المنطقة) اعتراض الصواريخ والمسيَّرات الإيرانية، فإن الردَّ في ذاته سيكون كافياً لتثبيت حق طهران بالردّ وتوجيه الرسالة المطلوبة بأن خرق القانون الدولي لن يمرّ من دون معاقبة.
واستناداً إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، فإن لإيران - أو أي دولة عضو في الأمم المتحدة - حق الدفاع الفردي أو الجَماعي عن النفس رداً على هجوم مسلّح ضد دولة أخرى. وهذا - باعتقاد طهران - سيكون كفيلاً باسترداد حق الحماية ومنْع تكرار مثل هذه الضربات في المستقبل لكل البعثات الإيرانية حول العالم.
وقد اتخذت إسرائيل وحلفاؤها الغربيون، التدابيرَ المُكْلِفة والمتواصلة منذ نحو أسبوعين استعداداً للضربة الآتية، والتي، كلما تأخرت، ازداد التوتر في صفوف تل أبيب وحلفائها الذين ينتظرون على أحرّ من الجمر لتُقلب هذه الصفحة أو تبدأ المساعي لاحتوائها، بحسب نتائجها طبعاً.
ومن المتوقَّع أن تحاول أميركا التصدي لأي ضربة إسرائيلية ثانية لإيران، لأن الرئيس جو بايدن لا يرغب في أن يجره نتنياهو إلى الحرب كي لا يساهم ذلك أكثر بخسارة المرشح الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية التي انعكست حرب غزة سلباً على السباق الذي يخوضه في نحو 6 ولايات نظراً لدعم أميركا للحرب ولجرائم إسرائيل.
وما يحصل عادة، أن «الضربة المؤلمة» (وليس التأديبية) يقوم بها حلفاء إيران ضد إسرائيل وفي شكل مفاجئ ومن دون تحضير الجيش الإسرائيلي للردّ المسبق وبعيداً عن الضجة في وسائل التواصل الاجتماعي والرغبة بـ «تدمير إسرائيل»، وهذا من غير المتوقَّع أن يحصل هذه المرة.
وما تفعله القيادة الإيرانية هو تعزيز صمود الشعب وزيادة الحماسة الوطنية وتعزيز التماسك الأيديولوجي قبل القيام بعمل عسكري من الممكن أن يجر البلاد إلى حرب إذا أصر نتنياهو على الرد.
وفي هذه الحالة فقط، تَحَضَّرَتْ إيران أولاً عبر حماية أكثر من 91 موقعاً عسكرياً ونووياً حساساً بجدار دفاعي متين. وكذلك أخرجت صواريخها البالستية وأعطتْ الأوامر بالاستعدادات في شكل تراه الأقمار الاصطناعية التي تراقب عن كثب أي تحرك عسكري لإنذار إسرائيل مبكراً، قبل بدء تَساقُط الصواريخ لتتم محاولة اعتراضها.
علاوة على ذلك، فقد نشرتْ إيران أنظمة التشويش على نظام تحديد المواقع (GPS) لمكافحة الصواريخ والطائرات المسيَّرة التي تعتمد على هذه الملاحة وللتقليل من فعالية الهجمات المحتملة على أراضيها، لتنشئ منطقة شبه عازلة تجعل التخطيط لتنفيذ ضربات جوية أكثر صعوبة.
أما إسرائيل، فهي تملك نظاماً صاروخياً دفاعياً متعدد الطبقات مصمَّما لمواجهة مجموعة من التهديدات الناتجة من صواريخ قصيرة، متوسطة وبعيدة المدى والصواريخ البالستية. فلديها «القبة الحديد» لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى، وكذلك «مقلاع داوود» الذي يَستهدف الصواريخ المتوسطة والبعيدة، وصواريخ كروز ليسدّ الفجوة الناتجة عن «القبة الحديد».
ولديها نظام «السهم - 2» و«السهم - 3» لاعتراض الصواريخ البالستية، وكذلك منظومة «باتريوت» لاكتشاف وتتبًّع الصواريخ القادمة على ارتفاعات عالية وكذلك الطائرات من دون طيار.
وتَستخدم إسرائيل نظام التشويش على الـGPS، مثل إيران. لكن «الجمهورية الإسلامية» تَعتمد صواريخ متقدمة ومتطورة تستعمل نظام «الجيروسكوب» المقيس للتسارع والحفاظ على المسار وتحديد الاهداف بحسب طول المسافة من دون الاعتماد على الـGPS. كذلك تَستخدم تقنية دراسة وحفظ التضاريس وتقنيات التوجه الضوئية التي يصعب التشويش عليها.
فضلاً عن ذلك، فإن حلف «الناتو» المتمركز للدفاع عن إسرائيل يملك أنظمة «ايجيس» القتالية القادرة على تعقب وإسقاط الصواريخ والطائرات، ما يغطي فجوات أكبر لإسرائيل وأنظمتها الدفاعية.
وتؤكد المصادر الإيرانية المطلعة، أن «أميركا كانت أرسلت 4 رسائل لإيران، تحضّ فيها طهران على عدم الانجرار وراء حرب (بنيامين) نتنياهو، وتطلب منها الامتناعَ عن الرد على استفزازات إسرائيل، وأن واشنطن ستبذل كل ما في وسعها لاحتواء الصراع... كما تحضها على خفض التصعيد في العراق والبحر الأحمر، لأن أميركا لا تريد الحرب».
وترى طهران أن واشنطن لم تفِ بالتزاماتها وأن تصرفات تل أبيب خصوصاً تدمير قنصليتها - بغض النظر عن الخسائر البشرية ورتب الضباط العليا القتلى - يدلّ على عدم سيطرة أميركا على أعمال نتنياهو، وتالياً فإن هذا يوجب الردَّ المباشر.
وتدرك طهران أن واشنطن لن تتخلى عن إسرائيل، وكذلك لن يبقى حلفاء طهران مكتوفي الأيدي إذا توسعت الحرب. لذلك من المتوقَّع أن يقتصر دور أميركا على اصطياد واعتراض الصواريخ الإيرانية ومنْع إسرائيل من المغامرة بردّ على الردّ وذلك تحت طائلة التهديد بعدم تزويدها بالذخائر التي تحتاج إليها لهذا الردّ وما سينتج عنه لاحقاً من توسُّع الجبهة، خصوصاً أن بايدن يعلم أنه لن يتمكن من السيطرة على الحرب إذا اندلعت ولا يملك توقيت إنهائها.
هل يستطيع بايدن كبْح جماح نتنياهو؟ تستعدّ إيران لأسوأ سيناريو وكذلك حلفاؤها مع الأفضلية لإبقاء الحرب في ساحة فلسطين وحدها من دون حرف النظر عنها. إلا أن نتنياهو يبحث عن المَخْرج الذي يشعل الشرق الأوسط، وتبقى قضية نجاحه من فشله رهن الأيام المقبلة وطبيعة الرد الإيراني المنتظر والأضرار التي تنجم عنه.