No Script

ضحايا الجهل والتخلف

تصغير
تكبير

لم يكن عالم الرياضيات والفلك والفيلسوف غاليليو، أول ولا آخر من اتهم بالهرطقة والكفر واقترب من الموت حرقاً في الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي قبل أن ينقذه الوجه الذي بنى فلورنسا واعتنى بالكثير من علماء وفناني ذاك الزمن الفاصل بين عصر الظلمات وعصر النهضة في روما، بل في أوروبا كلها.

ولم يكن هذا القرن الميلادي مختلفاً عما قبله ولا بعده من قرون جاهلة متعصبة لعصر التخلف والجهل، فقد كان من يفكر فقط بكروية الأرض أو أنها ليست محور المجموعة وأنها تدور حول نفسها ليتعاقب الليل والنهار وأنها تدور حول الشمس بحركة دائمة في فلك محدد خلال 365 يوماً، لتتعاقب الفصول الأربعة.

هذا المعتقد العلمي صريح كان سبباً في قتل وإعدام وحرق العلماء تحت ستار الكفر والهرطقة التي لم تنتهِ من هذا العالم حتى يومنا هذا الذي انتشرت فيه العلوم وأصبح الكون ينحصر في فنجان قهوة بعد أن اقتربت المسافات وتقلّصت المسافات للسفر والترحال بين المشرق والمغرب، وأصبح الناس يتواصلون بسهولة ويسر شمالاً وجنوباً، وتنقل الأحداث وأخبارها بضغطة زر واحد لينتشر الخبر بأسرع من البرق في العالم، وقد أحرقت الكنيسة الإيطالية في العام 1600 عالم الرياضيات والشاعر المفكر الأستاذ الجامعي الفيلسوف جوردانو برونو 1548 - 1600 بالتهمة ذاتها التي وجهتها الكنيسة للعالم غاليليو 1564 - 1642 وغيره من فلاسفة التاريخ وعلماء الفلك والرياضيات تاركين الساحة مرتعاً للجهلاء والدجالين أمثال الزنديق راسبوتين الروسي 1869 - 1916 الذي عاث في الأرض جهلاً وفساداً وهرطقة بدعم من أصحاب القرار في تلك الفترة بحسب المبدأ القائل (إن حبّتك عيني ما ضامك الدهر)، فكم من مجتهد عاملٍ مخلص سعى من أجل الرقي والتقدم الإنساني راح ضحية الأهواء والمفاهيم الخاطئة التي ما أنزل الله بها من سلطان.

نعم، عندنا وعند الغرب تلك العقول والممارسات التي يعتنقها بعض سفهاء القوم تحت مسميات عدة، وكأن هؤلاء منذ العصور الغابرة يتكاثرون بالتشاطر البكتيري ولم يدخلوا المدارس ولا الكُتّاب، والله سبحانه وتعالى يؤكد في محكم كتبه المنزلة وفي مواضع كثيرة ما قاله العلماء الأجلاء، ويقوله العلم والعقل والمنطق بعكس ما نسمع بين الحين والحين من جهل وتخلف يدل بشكل واضح وصريح بأن هؤلاء في وادٍ والعلوم والأديان والشرائع الدينية في وادٍ آخر، بعيدين كل البعد عن الحق والصواب.

أسأل الله أن يهديهم ويرشدهم للصراط المستقيم ولا يسلّطهم علينا.

اللهم آمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي