No Script

رؤية ورأي

نوّاب تصحيح المسارين الرقابي والتشريعي

تصغير
تكبير

تميّز بعض نوّاب مجلس 2023 بمساعيهم الصارخة لتصحيح مسار المجلس المنحل، من خلال دورهم المحوري في كشف خفايا وشوائب المشهد النيابي للشعب الكويتي. ومن بين هؤلاء النوّاب السابقين، السيد/ مهلهل المضف، الذي توّج أدواره الكاشفة بالاستجواب الذي وجّهه إلى رئيس مجلس الوزراء السابق سمو الشيخ/ أحمد النوّاف، المكوّن من ثلاثة محاور هي «التراجع عن مضامين خطاب العهد الجديد، وتخبط السياسات العامة للحكومة، والتهرب من الإجابة عن الأسئلة البرلمانية والتذرّع بعدم دستوريتها».

قبل المرور على وقائع الاستجواب، لبيان ما كُشف من خلالها، لابد من الإشارة إلى الفقرة الثانية من ديباجة أو مقدّمة صحيفة الاستجواب، التي كانت ذاتها مقدّمة المرافعة الأولى للمضف. فقد تضمّنت الفقرة الثانية وصفاً ضمنيّاً لمكمن الخلل في مجلس 2023، حيث جاء فيها «لم تقبل الكويت وشعبها منذ مسيرتها الديموقراطية بتسلّط الرأي الواحد حتى ترضى بتسلّط الرأيين، فالشعب بكل أطيافه وتوجّهاته وانتماءاته في متّسع من الاصطفاف لفريق على فريق، وله آراء فيها من الخير والحكمة لمن ألقى السمع وهو شهيد».

وقد يكون أدق مؤشر لقياس وكشف فداحة أزمة «تسلّط الرأيين» و«الاصطفاف لفريق على فريق» هو خروج عدد من النوّاب من القاعة مع بداية مرافعة المضف، أي بالتزامن مع قراءته الفقرة الثانية نفسها، معلنين ضمناً تحصين الرئيس من هذا الاستجواب، بغض النظر عن ما سيقدّمه ويستعرضه المضف في المرافعة. بل يرى مراقبون سياسيون أن خروج النوّاب كان سلوكاً متطرّفاً غرضه تحصين النوّاف من استجوابات لاحقة، من خلال خلق حاجز نفسي يمنع المضف ونوّابا آخرين من توجيه استجواباً آخراً إلى النوّاف.

وفي المرتبة الثانية، من حيث مؤشرات قياس وكشف جسامة أزمة «تسلّط الرأيين» والاصطفاف مع أحد الفريقين، تأتي تجديد الثقة بالنوّاف وانتهاء الاستجواب من دون التقدّم بأي اقتراح أو طلب نيابي، رغم أن عدداً من الوقائع التي استند عليها المضف في استجوابه للنوّاف مشابهة لوقائع ضُمّنت في الاستجواب الذي أطاح بالرئيس الأسبق سمو الشيخ/ صباح الخالد. ومن بين هذه الوقائع المشابهة امتناع النوّاف عن الإجابة عن جميع الأسئلة البرلمانية التي وجهت إليه بذريعة عدم دستوريتها. فضلاً عن تخلّي حكومة النوّاف عن مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص والكفاءة في تعيين القياديين بإصدارها «قراراً يجعل تعيين القياديين على اعتبارات تقديرية وغير قائمة على معايير الكفاءة».

لذلك، أتمنى أن أرى السيد/ مهلهل المضف نائباً في مجلس 2024، ليستمر في تصحيح المسار الرقابي للمجلس، كلما اجتمعت كلمة السلطتين التنفيذية والتشريعية على الإضرار بمصالح البلاد والعباد. ولكن تجربة مجلس 2023 أثبتت أن مهلهل المضف، وبالرغم من أهمية دوره وموقفه الكاشف، إلا أنه عجز عن التصدّي المثمر للأطروحات والآراء المعادية للحريات الدستورية، كمرئيّات «لجنة تعزيز القيم ومعالجة الظواهر السلبية» التي كان يترأسها النائب السابق/ محمد هايف.

ومن بين الحالات المشهورة التي عجز فيها مهلهل المضف – بمعيّة عدد من زملائه – عن تحصين الحريّات الدستورية، اخفاقهم في إلغاء الفقرة الثانية من المادة 16 في قانون المفوضية العليا للانتخابات، التي تنص على أنه «يشترط لممارسة الحق في الانتخاب والترشيح الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية».

وهنا يحضر أمامي عدد من النوّاب السابقين الذين دافعوا ببسالة عن المفهوم الدستوري للحريات في مقابل مفهوم «لجنة الظواهر السلبية»، ومن بينهم السيد/ أحمد الفضل، الذي يتمتّع بسرعة البديهية والقدرة على الإقناع. لذلك أتمنى عودته إلى المجلس ليشارك في تصحيح المسار التشريعي، ليكون أكثر توافقاً مع الحريّات الدستورية... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي