No Script

من الخميس إلى الخميس

هنا الكويت

تصغير
تكبير

في الكويت اليوم ما يدعو للقلق.

لدينا مثقفون، وأصحاب قلم ورأي، يشكّلون البحر الثقافي في الكويت، وهذا البحر اليوم ترتفع أمواجه قلقاً على الوطن، إنهم يرون كيف ذهبت السياسة بعيداً بأبناء الكويت، وكيف بدأت العبارات بين أبنائه تخرج عن المألوف.

حُرمنا من أدب الحوار ولم يعد أحدنا يستمع إلى الآخر، تنافس الساسة وأعضاء مجالس مُنتخبة، تنافسوا وتصارعوا كلٌّ ينسبُ لنفسه الحقّ ويرمي بالباطل على خصمه، وحشرت الحكومة رأسها في الصورة ليكتمل المشهد، انقسم الشارع الكويتي بين موالاة ومقاطعة، وتم استدعاء أصحاب التفرقة من كل طرف وستبدأ عملية التمزيق فما زال كل طرف يعتقد أنه على حق وأن الآخرين فاسدون أو مأجورون.

زادت الشِقّةُ وكل طرف أدار ظهره للآخر ومشى في طريقه، وكل يوم تزداد المسافات بينهما بُعداً، فلم يعد أحدهما قادراً حتى على سماع الآخر، ورغم ذلك كله فما زال في الكويت هناك الطرف الثالث الذي نتمنى أن يزداد عددهم، طرف أصحابه يحبون الوطن حباً حقيقياً، ويبحثون عن استقراره في كل زاوية، طرف أصحابه لديهم استعداد للاستماع للآخر، كما أنّ لديهم الرغبة لمساعدة الطرفين من أجل أن يتفاهما، ومن أجل تحويل اتجاههما ليقتربا من بعضهما، أن يستمعا لبعضهما، ففي النهاية الحِقدُ لا يولّدُ إلّا الحِقد.

اليوم، هناك تفاؤل بأن الصّرعة ذهبت وأتت الفكرة، وأن من الخطأ تصنيف أي طرف بالمُنتصر، ففي قضايا الوطن كلنا منتصرون أو كلنا منهزمون، أتمنى أن تهدأ النفوس، ويصبح لدى الكثير من الشعب الكويتي زُهدٌ في الصراخ والتشكيك، كل ذلك من أجل أن يفهم كل طرف الآخر، ونحافظ جميعاً على مسيرة الديموقراطية والحرية اللتين تتميّز بهما الكويت.

هل يحقُّ لنا أن نحلم اليوم في بداية المُصالحة الوطنية التي ستكون عنوانا لكتاب (الكويت الجديدة)، كويت المستقبل التي نتحدث كلنا عنها، كويت المستقبل التي سيعيش فيها أحفادنا في أمان كما نتمنى، ورغم أمنياتنا ورغم سعادتنا بضحكات أحفادنا إلا أننا سرعان ما نقلقُ على أنفسنا وعليهم، فحاضرُنا، كما ترون، وكما تكشفه أرقام البنك الدولي والتقارير المحلية والدولية، حاضرٌ كسول جداً فنحن لم نُعِد لهم بعد ما يجعلهم آمنين في مستقبلهم، هناك قضايا كثيرة أعاقت عملية التنمية في الكويت، ولعل أولها قضايا الفساد الذي يضرب كل زاوية من زوايا الوطن، فالتعليم الخاص الذي يُبعِدُنا عن ثقافتنا يتمدّد دون علم حقيقي وعلى حساب التعليم الحكومي الذي هو الأصل، والعلاج الخاص الذي لا يراعي قيم الطب يتوسع على حساب الطب الحكومي الذي هو المعيار، والمشاريع تُنفذّ ليس ضمن خطة تنموية واضحة بل ضمن خلق فرص لاستحلاب أموال الوطن لصالح قلّةٍ مُنتفعة، فإذا فسدَ التعليم، واستُغلّت الصحة، وخرجت المشاريع الكبرى عن أهدافها فماذا يتبقى لنا؟

اليوم، نحن في أشدّ الحاجة إلى معرفة الأولويات، وإصلاح أنظمة الإدارة، وكفّ أيدي المُستغلين في التجارة والتعليم والطب، في بحر الكويت اليوم نحتاج إلى التفكير المستنير فمن يعتقد أنّ معه الحق سيكون جزءاً من المشكلة، فكل طرف لديه قطعة من المنفعة وفي اجتماعهما تكون المصلحة كاملة، أصحابُ التفرقة والمنتفعون مدعوون أيضاً لأن يُعيدوا تفكيرهم فهم أصحاب مصلحة في حماية أحفادهم، فليس بالمال وحده يسعَدُ الإنسان، وإذا ضاع الوطن فلا قيمة للإنسان وإن ارتدى أفضل الملابس وسكن القصور، فالإنسان هو الوطن ومن ضاع وطنه تراه يبحث عن فقيد أغلى من نفسه، ولولا الأمل في العودة للوطن يوماً لمات مَن ضاع وطنهم همّاً وحزناً.

تعالوا نبني وطننا الجديد مع اقتراب احتفالات الوطن، هنا الكويت.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي