No Script

رؤية ورأي

نوّاب ما يستحون

تصغير
تكبير

عندما كلّف سمو الشيخ صباح الخالد، بمنصب رئيس مجلس الوزراء، كان يمتلك إرثاً كبيراً متميزاً من المهارات والخبرات الإعلامية والأمنية والسياسية على المستويين الداخلي والخارجي.

إلا أنه ارتكب خطأ منهجيّاً جسيماً في بداية ترأسه مجلس الوزراء، وهو افتراض حسن النيّة والتقيّد بشرف التعامل من طرف نوّاب المعارضة. حيث إنه ألزم وقيّد حكومته بلاءاته الثلاث، ولكن في المقابل ردّت المعارضة على مبادرته بسيل من الاستجوابات الاستباقية العبثية المصحوبة بتسونامي إعلامي تضليلي في الفضاء الإلكتروني. هذا الخطأ الجسيم كان أشبه بكرة ثلج تدحرجت فتفاقمت وأنهت فترة رئاسته القصيرة.

وحيث إن الشواهد تشير إلى أن حمائم المجلس – إبّان فترة رئاسة سمو الشيخ أحمد النوّاف – سوف يعودون مرّة أخرى إلى صقور المعارضة خلال فترة ترأّس سمو الشيخ الدكتور محمد الصباح الحكومة، ومن أجل تفادي ارتكاب خطأ منهجي مماثل، أناشد الرئيس الدكتور تشخيص المشهد السياسي المحلي بدقّة، وذلك من خلال تحليل المواقف النيابية والإعلامية تجاه الملفّات الأبرز، التي من بينها ملف الإصلاح السياسي الذي يشتمل على أمور مفصلية عدّة، كمسألة رفع الجلسات المكتملة النصاب التي تغيب عنها الحكومة.

هناك محطّات عدّة مرتبطة بهذه المسألة (رفع الجلسات لغياب الحكومة) ينبغي الاتعاظ منها، ولكنني سأكتفي بالإشارة إلى أربع منها.

نشاهد في المحطة الأولى الانقلاب الصارخ في موقف نوّاب تجاه المسألة، بل ان بعض النوّاب المخضرمين انقلب موقفهم مرتين تجاه المسألة ذاتها. نعم، هناك نوّاب في المجلس الحالي، صمتوا عندما رفع الرئيس الأسبق المرحوم جاسم الخرافي الجلسات لغياب الحكومة، ثم اعترضوا عندما رفعها الرئيس السابق مرزوق الغانم، ثم عادوا للصمت أو الهمس عندما رفعها الرئيس الحالي أحمد السعدون. الشاهد أن هؤلاء النوّاب انقلب موقفهم مرّة أو أكثر تجاه المسألة من دون خجل أمام الشعب.

وأما المحطة الثانية، فهي عند التحركات النيابية الهشّة التي قُصد من ورائها تفادي الحرج أمام الناخبين بشأن المسألة (رفع الجلسات لغياب الحكومة)، ومن بينها الاقتراح بقانون الذي قدّمه خمسة نوّاب في المجلس الحالي لتغيير اللائحة الداخلية للمجلس لكي تنص صراحة على صحة انعقاد الجلسات المكتملة النصاب التي تغيب عنها الحكومة. حيث يرى مراقبون أن هذا التحرّك عبث نيابي لأن مقدّموه يسعون إلى معالجة اختلاف في تفسير مادّة «دستورية» من خلال تشريع «قانون». وهذه المحطة أيضاً تكشف عدم استحياء هؤلاء النوّاب من تدنّي مستوى تحركاتهم النيابية.

وبالنسبة للمحطة الثالثة، فهي في التعقيبات السطحية والمعيبة على دعوة مرزوق الغانم زميله الدكتور حسن جوهر، اعتلاء المنصّة – بعد أن رفع الرئيس الجلسة لغياب الحكومة – في يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي. ومن بين التعقيبات المعيبة ما صرّح به أحد النوّاب في برنامج حواري سياسي على إحدى القنوات التلفزيونية الفضائية. فعوضاً عن توجيه العتب الشديد إلى الرئيس لرفعه الجلسة المستوفية شروط الانعقاد – حسب رأي هذا النائب – انتقد بعنف دعوة الغانم، وذلك بمغالطات كان من بينها مغالطة تتعارض مع حقيقة أن نائب رئيس المجلس لا يملك صلاحية إعادة عقد جلسة برلمانية رفعها نهائياً الرئيس.

المراد أن أمثال هؤلاء النوّاب لا يستحون أمام الشعب من التهجّم على من يكشف انقلاب مواقفهم.

وأما المحطة الرابعة فهي في نتائج انتخابات المجلس الحالي، حيث جاءت غير متّسقة مع حالة الانزعاج الشعبي آنذاك من أداء المجلس المبطل الثالث. لذلك تيقّن العديد من النوّاب والمرشحين أن نتائج الانتخابات – في المرحلة الحالية – مرتبطة بعوامل معدودة إعلامية وغير إعلامية يمتلكها متنفذون. وبالتالي أصبح الكثير منهم أكثر ولاءً وطاعة لهؤلاء المتنفذين من دون حياء أمام استحقاقات الشعب... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي