No Script

حروف نيرة

أشهر امرأة علّمتْ القرآن

تصغير
تكبير

الشيخة أم السعد بنت محمد علي نجم، رحمها الله تعالى، تُعَدّ في زمننا أشهر امرأة في عالم قراءات القرآن الكريم، وهي السيدة الوحيدة التي تخصّصت في القراءات العشر، وظلت طوال نصف قرن تمنح إجازاتها في القراءات العشر، نافست الرجال في قراءة القرآن الكريم في المحافل الدينية قبل ظهور المذياع والتلفزيون.

نشأت الشيخة في أسرة فقيرة، داهم المرض عينيها ولم تتجاوز عامها الأول، لجأ أهلها للعلاج بالوصفات الشعبية كالكحل والزيوت التي أودت ببصرها مثلما حدث مع آلاف الأطفال آنذاك، وكعادة أهل الريف مع الأعمى نذرها أهلها لخدمة القرآن الكريم حتى حفظت القرآن الكريم في الخامسة عشرة من عمرها، ثم ذهبت إلى الشيخة نفيسة بنت أبوالعلا، شيخة أهل زمانها كما تُوصف، لتطلب منها تعلّم القراءات العشر.

أتمت الشيخة أم السعد، المهمة الشريفة، وحصلت من شيختها نفيسة، على إجازات في القراءات العشر وهي في الثالثة والعشرين من عمرها... حين أتمت حفظها للقرآن الكريم بقراءاته العشر، كان أهالي المنطقة يستعينون بها في قراءة القرآن في المناسبات والمجالس الدينية قبل ظهور وسائل الإعلام، وتوقفت عن قراءة القرآن الكريم في المجالس والمناسبات الدينية، للتفرّغ لحلقات تعليم القرآن، حيث أقبل عليها طلبة العلم لينالوا من بحر علمها، كان يسافر إليها القُرّاء وحفظة القرآن من أجل الحصول على (إجازة) في القراءات العشر... يتردد عليها صنوف شتى من جميع الأعمار والمستويات، كباراً وصغاراً، نساءً ورجالاً، طلبة وأصحاب تخصصات علمية، مهندسين، وأطباءً، ومدرسين، وأساتذة ومشاهير القُرّاء، لختم القرآن الكريم.

لا يتخرّج في حلقتها إلا مَنْ أتقن القراءة حتى لو استمر معها سنوات، تبدأ دروس النساء في الفترة الصباحية، ثم دروس الرجال في الفترة المسائية، فقد كان يومها قرآناً في قرآن... تقول: بعض الرجال تردد في البداية في القراءة عليَّ باعتباري (امرأة) وبعضهم امتنع، لكن الشيخ محمد إسماعيل (أشهر دعاة الإسكندرية) أفتى لهم بجواز ذلك عندما علم بسنيّ.

وظلَّت في رحلات حول العالم تمنح إجازاتها في القراءات لحفظة القرآن الكريم، ومن تلك الدول التي أعطت فيها العلم: السعودية، باكستان، السودان، فلسطين، لبنان، تشاد، أفغانستان، والكويت. وتخرّج على يديها كبار المشايخ وأشهر قُرّاء القرآن الكريم في الكويت، وكانت آخر رسالة لها في يوم الحفل الختامي في شهر صفر 1427هـ/ مارس 2006م:

(بَدَأَت بالشكر الجزيل إلى أهل الكويت... وقالت أخص بالشكر الأمانة العامة للأوقاف على استضافتهم لي في هذا البلد الطيب الذي عشت فيه وكأني أعيش في بلدي وبين أهلي، فقد شعرت عند تدريسي لعلم القراءات أني أدرّس أولاداً لي، ونصيحتي لحفظة القرآن الكريم، وكل مَنْ قرأ عليّ القرآن الكريم إخلاص النية لله تعالى، ولا يكون هدفه من الحفظ أو القراءة المال أو الشهرة، ويكون خلقه القرآن، ويحذر القارئ والحافظ العُجب والرياء والتكبّر على غيره، فقد يكون غيره أقرب إلى الله تعالى بتقواه). وكانت وفاتها عن عمر ناهز 80 عاماً في بلادها بمنطقة الإسكندرية، في شهر رمضان الموافق لسنة انتهاء آخر حلقاتها في الكويت، اللهم ارحمها واغفر لها وارفعها بكتابك العظيم. اللهم أمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي