No Script

من الخميس إلى الخميس

ليست حرية بل فتنة ومصائب

تصغير
تكبير

كيف تحوّلت الحرية من حق إنساني ومطلب قانوني، إذا سُلبت الحرية سُلبت معها كرامة الإنسان، كيف تحوّلت تلك الحرية إلى عامل من عوامل جمود المجتمع، وغطاء للفساد؟!

اليوم، كل وزير وكل مسؤول كبير يعاني من دوامة كالزلزال تجعله لا يُحسن التفكير ولا يملك الراحة للإبداع والإنتاج، كل ذلك بسبب تلك الأوهام المسماة حرية الكلمة؛ والتي صنع من أجلها مواقع للتواصل الاجتماعي؛ ومنصّات تُباع وتُشترى بأسماء أغلبها وهمية، وأحياناً منصّات تُدار من قِبل أجهزةٍ تسعى للسيطرة، وقيادة المجتمع بالاتجاه الذي تريده تلك القوى.

لقد انتشرت في السنوات الأخيرة الأخبار الكاذبة على منصات التواصل الاجتماعي ما خلق تشوّهات معرفية في ثقافة المجتمع، فالبشرُ في كثير من الأحيان مُتحيّزون؛ وقد أكّد ذلك عالم النفس في جامعة بريستول، ستيفان ليفاندوفسكي، بقوله: إذا سمِع شخص شيئاً يرغب في سماعه لأنه يتماشى مع آرائه السياسية فسوف يُصدّقه بشكل أكبر، ويقوم هؤلاء بنشر تلك الأخبار دون التأكد من صحتها ما يولّد سيلاً من المعلومات في سياق (التحيّز المعرفي) الذي هو سيف مصلت على رقاب القادة تمنعهم من الاستمرار في عمليات الإصلاح، فعادة تكون تلك الأخبار المُزيّفة تهدف إلى محاربة الإصلاح بتشويه قادتها من أجل خدمة قوى أخرى تملك النفوذ والمال الكافي لخلق الوعي المُنحاز الذي هو أداة ضغط سلبية.

إننا اليوم نعاني من حرية الوهم والاحتيال؛ ولا بد من وقفةٍ حازمةٍ باتجاهها، وقفة لا تقبل الرأي والرأي الآخر، ولا تطالب بالحرية وفق مفهومهم الجديد، وقفة تُعيد الأمور إلى نصابها، وتجعل قادة القرار لدينا متفرغين للإصلاح وبناء مؤسسات الدولة.

لا يوجد اليوم قائد كبير سواء كان رئيساً للوزراء أو وزيراً إلا تراه مُشّوش الفكر من ذلك الطوفان المسمى التواصل الاجتماعي، ذلك التواصل الذي فتح عشرات ومئات الآلاف من الأفواهِ لتصرُخ وتنقُد وتتابع وتكذب وتضغط بقوة لتحقيق أهدافٍ مرسومة لها، والنتيجة ترى المسؤول محلك سر، كمن هو واقف على سلك مشدود إذا تحرّك يميناً سقط وإذا تحرّك شمالاً سقط.

كيف تتحقق الإنتاجية لدينا وكلما جاء مُصلح تصدّت له قوى الظلام بالعداء ونشر الأكاذيب، وشراء الأصوات التي تؤلف المعلومة وهي تعلم أن لا أحد يقدر على تمحيصها، هل حان الوقت لإيقاف تلك المواقع في التواصل الاجتماعي أو خلق منصة تكشف تلك الأكاذيب ومن يقف وراءها كما فعلت بعض الدول، لقد تأخرنا كثيراً لمعرفة أن تلك المنصات لن تأتي إلينا بخير، وما يدّعيه البعض بقوة تأثيراتها وفائدتها هي مجرد أوهام.

أتمنى أن تُسارع الدولة من أجل الوقوف أمام تلك المواقع، اتركوا القادة يعملون ولا تتابعوا أعمالهم وكلماتهم من أجل تشويهها، ونشر الفتنة في المجتمع، لا تجعلوا أعضاء الحكومة هدفاً لمخططاتكم الخاصة، فالكويت اليوم تحتاج إلى سلام وهدوء من أجل انطلاقة جديدة نحن بأشد الحاجة لها، لقد عطّلت تلك المنصات عملية التنمية وزادت من عدد تبديل الحكومات وعدم الاستقرار، فهل حان وقت الاستمرار والإنتاجية في عهدنا الجديد؟، كلنا نتطلّع لذلك.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي