No Script

أبعاد السطور

شيء... من سيرة بدور القاسمي

تصغير
تكبير

«يجب أن تبقى صناعة النشر حافزاً للتغيير المنشود، ودافعاً للتبادل الثقافي، ومنصة للتحول الاجتماعي، ومعاً يمكننا بناء مستقبل يواصل فيه الأدب وقطاع النشر إحداث التأثير الإيجابي على الأفراد والمجتمعات في جميع أنحاء العالم»... الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي.

الكُتب هي أوعية العِلم والمعرفة، الكُتب هي مصابيح النور التي تبدد ظُلمات الجهل، الكُتب هي أول أدوات بناء الإنسان والأوطان.

للكُتب أهمية كُبرى في حياة الإنسان، وذلك بسبب فوائدها الكثيرة التي تصب في تغذية الإنسان فكرياً وروحياً، وعلى مرّ التاريخ وإلى هذا اليوم، تعتبر الكُتب هي أهم الخرائط والطرق المؤدية لبناء الحضارات والثقافات والمجتمعات.

تحتاج الكُتب للنشر والدعم والرعاية، من أجل أن تنتشر ويزدهر سوقها وتبرز مكانتها، لكي تصل إلى أيدي القراء، فتنعكس فوائدها الجميلة على الأفراد والمجتمعات والأوطان بشكل مثمر.

من المؤسف أن صناعة الكُتب وطباعتها ونشرها والاعتناء بها، تأخرت كثيراً في الوطن العربي، رغم أن المكتبة العربية والإسلامية الأولى كانت تزخر بالكتب المهمة جداً، التي تعدد نسخ بعضها عن طريق إعادة كتابتها يدوياً.

وعن هذا التأخر في طباعة ونشر الكتاب العربي، كتب الأستاذ محمد رشاد في مقال له بعنوان «الناشر وأثره في صناعة النشر»: «في عالمنا العربي تعتبر صناعة النشر حديثة إذا ما قُورنت بما هو حادث في العالم الغربي، بل إن هذه الصناعة بالمفهوم الخاص والذي يأخذ صورة الكتاب الورقي، قد بدأت منذ ما يزيد قليلاً على 200 عام في مصر وبلاد الشام، وفي معظم البلدان العربية منذ 70 عاماً، بل إنّ هناك دولاً عربية، بدأت صناعة النشر منذ 50 عاماً فقط، بينما بدأت صناعة النشر في العالم الغربي قبلنا بما يقرب من أربعة قرون. فأول كتاب طبع في الغرب بعد اختراع آلة الطباعة الحديثة على يد يوحنا غوتنبرغ كان في عام 1449، بينما أُنشئت أول مطبعة في عالمنا العربي عام 1706، وكانت مطبعة حلب. وفي مصر مع دخول الحملة الفرنسية عام 1798، أُنشئت المطبعة الأهلية بمعرفة الفرنسيين، ثم أُنشئت مطبعة بولاق في عهد محمد علي عام 1821. من كل ما تقدم يتضح أن الفارق الزمني كبير في بدايات صناعة النشر في كل من العالم العربي والعالم الغربي».

في هذا المقال سأتطرق لحيّز محدد من سيرة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، وهو الجزء الخاص بالأدب والنشر والكُتب، حيث أن بقية السيرة تحكي عن إنجازاتها وبصماتها والمناصب التي تولتها منشورة في العديد من المطبوعات والدوريات ومواقع الإنترنت.

استطاعت القاسمي أن تساهم وتدفع بتوسع حركة النشر العربي وطباعة الكُتب العربية خلال فترة رئاستها للاتحاد الدولى للناشرين في عامي 2021 و2022، والرائع في الأمر أن الشيخة بدور لم تكن تسعى بجهودها فقط في حيّز ما يخص إمارة الشارقة فقط، أو دولة الإمارات على وجه التحديد، بل كانت تسعى لأن تعم جهودها كل خريطة الوطن العربي، لاسيما بقية دول العالم.

من النجاحات التي حققتها في أثناء قيادتها للاتحاد الدولي للناشرين، منها، أن الشيخة بدور هي أول امرأة عربية والثانية على مستوى العالم تترأس اتحاد الناشرين الدولي منذ تأسيسه عام 1869، وبذلك استطاعت تعزيز حضور المرأة في قيادة قطاع النشر عالمياً، وأسست «مبادرة إنسباير» بالتعاون مع أكثر من 60 ناشراً حول العالم، وحققت 40 زيارة ميدانية حول العالم، وأسست أول أكاديمية تعليمية في تاريخ الاتحاد الدولي للناشرين، وأطلقت مبادرة الصندوق الأفريقي للابتكار في النشر، وضمت جمعيات نشر 11 دولة عربية إلى الاتحاد الدولي للناشرين.

وفي ما يخص إنجازات الشيخة بدور على مستوى دولة الإمارات، أنها قامت بتأسيس «جمعية الناشرين الإماراتيين»، و«المجلس الإماراتي لكتب اليافعين»، و«مشروع ثقافة بلا حدود» لتعزيز نمو قطاع النشر الإماراتي الذي تزيد قيمته على 300 مليون دولار. كما أسست «مجموعة كلمات للنشر»، وهي شركة عالمية في مجال النشر وتكنولوجيا التعليم، تمتلك اليوم حقوق الترخيص والتوزيع في 54 دولة. كما ترأست لجنة الشارقة، عاصمة عالمية للكتاب 2019، وهي من مؤسسي «جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ».

في الحقيقة إن وجود شخصية مهمة مثل شخصية الشيخة بدور بالقرب من الأدب والثقافة العربية، وبالقرب من صناعة الكتب وحركة دور النشر، له ثمرات كثيرة، ينعكس جمالها على الدول والشعوب العربية، الأمر الذي يجعلنا نؤمن كثيراً بأن هناك أشخاصاً، الواحد منهم بأُمة، وذلك بسبب نفعهم وعطائهم وتضحياتهم وإنجازاتهم وإخلاصهم وتفانيهم في سبيل خدمة دينهم ولغتهم وأوطانهم وخدمتهم للإنسانية جمعاء، كما فعلت الشيخة بدور القاسمي في مسيرتها المميّزة جداً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي