No Script

رؤية ورأي

معاداة السامية وتصريح الدكتور الطرّاح

تصغير
تكبير

أثناء جلسة الاستماع التي عُقدت في بداية ديسمبر الماضي في لجنة «القوى العاملة بالتعليم» في مجلس النوّاب الأميركي، وضمن إجاباتهن عن سؤال مباشر حول أصداء حرب غزّة في الجامعات الأميركية، امتنعت ثلاث رئيسات جامعات مرموقة، عن الإقرار المقتضب الصريح بأن الدعوة إلى الإبادة الجماعية لليهود تشكل تنمراً ومضايقة للطلبة اليهود وتعتبر سلوكاً مخالفاً لمدوّنات قواعد السلوك في تلك الجامعات.

حسّاسية السؤال تكمن في تزامنه مع الجدل المحتدم في الدول الغربية - منذ عملية «طوفان الأقصى» - حول تحديد الأولوية في حال تعارض مبدأين - جليلين لدى المجتمعات الغربية - هما تجريم معاداة السامية وتحصين حرية التعبير داخل الجامعات.

لذلك، نجد أن إحدى الرئيسات الثلاث قدّمت استقالتها بعد الجلسة، في حين حصلت كل من الأخريين على الدعم من مجلس إدارة الجامعة التي تترأسها، وإن اضطرّت إحداهما - الدكتورة كلودين غاي رئيسة جامعة هارفرد - إلى الاستقالة لاحقاً بعد تزايد الاتهامات ضدّها بالسرقة الأدبية.

أشاد معظمنا بردود الدكتورة غاي، التي كانت حريصة على تحصين حرية التعبير في الجامعات.

كما فرحنا عندما علمنا أنها حصلت على تأييد مجلس إدارة هارفارد بالإجماع، رغم المطالبات الحثيثة بإقالتها من جهات ومستويات متعدّدة، من بينها أطراف متعاقدة وممولة لأنشطة الجامعة.

ولكن يبدو أن إشادة بعضنا بردود الدكتورة لم تكن نابعة من الاعتقاد بحق البشر في حرية التعبير، بل كانت بدافع الاعتقاد بالقضية الفلسطينية حصراً، أو بدوافع سياسية أو عاطفية أخرى، حيث طالب البعض منا لاحقاً بالتحقيق مع دكتور جامعة على خلفية تصريح له ضمن مشاركته في ندوة نظّمت داخل أسوار جامعة.

كلمة الأستاذ الدكتور علي الطرّاح، كانت من بين المشاركات الأبرز في الحلقة النقاشية التي نظّمها في الأسبوع الماضي مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت بعنوان «توجهات في خطاب سمو الأمير الأخير والمرحلة القادمة»، حيث تضمّنت كلمته بعض الآراء المثيرة للجدل.

وكان الرأي الأكثر إثارة للجدل هو رأيه بضرورة وقف العمل بالدستور لفترة محدّدة للخروج من دوّامة آمال ومشاريع الإصلاح الوهمية المتجدّدة.

مبدئياً، أحيّي جميع المشاركين في الحلقة النقاشية على الموضوعية والصراحة في الطرح والحوار، فقيمة مخرجات الحلقات النقاشية مرتبطة بشكل وثيق بدرجة الصراحة في غربلة أفكار المشاركين من أهل الاختصاص. ومن أمثلة الغربلة في تلك الحلقة هو الرد المعارض من الأستاذ الدكتور علي الزعبي على رأي زميله الطرّاح بشأن وقف العمل بالدستور لمدّة معينّة. الشاهد أن فكرة الحل غير الدستوري للمجلس اعتُرِض عليها أثناء الجلسة النقاشية نفسها.

لذلك، كنت أتمنى ألا يطغى تصريح الطرّاح بشأن وقف العمل بالدستور موقّتاً على تصريحه بشأن عدم جدوى حل المجلس - وفق المهلة الدستورية - لإصلاحه، لأن المجلس الجديد سيكون مقارباً للحالي، بسبب الثقافة السائدة في المجتمع.

فالتصريح الثاني مهم وخطير، لسببين: لأنه يعكس رأي أستاذ علم الاجتماع في ثقافة المجتمع، ولأنه لم يلاقِ الصدى المناسب في الإعلام التقليدي والافتراضي.

وعليه، يجب أن تتضافر الجهود الوطنية من أجل تنمية ثقافة المجتمع وتحريرها من سطوة الإعلام المأجور في وسائل التواصل الاجتماعي الذي أثبت قدرته الفائقة على توجيه الرأي العام.

وهذا بدوره يستوجب أن يمارس النوّاب والنشطاء الوطنيون والتكتلات السياسية دورهم التوعوي باتزان. فلا يليق بهم التسابق في إصدار بيان سياسي لمواجهة فكرة - تعليق الدستور - طُرحت في حلقة نقاشية أو تناقلتها وكالة «يقولون». وفي حالات أخرى،السكوت عن أعمال علّقت بالفعل العمل بالدستور، كالممارسات الغوغائية داخل قاعة عبدالله السالم... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي