من الأطلسي
دعوة للمحمدية...
خمس سنوات مضت، والعبدلله يعيشها في المغرب باستمتاع بكل ما هو جميل في هذه المملكة مترامية الاطراف... فسيفساء عجيبة في تكوين هذا البلد الضاربة جذوره في أعماق التاريخ.
ما بين «التبوريدة» ركوب الخيل والمشاركة في مجموعة، ومن ثم اطلاق النار بشكل موحد، وليس هناك متعة تضاهي هذا النشاط الخطر، إلى الجلوس في حلقة ذكر مع أطيب خلق الله الزاهدين الذاكرين الشاكرين الموحدين لله عز وجل، والصلوات على اطهر خلق الله صلى الله عليه وآله وسلم.
بعد جلسات عديدة تكتشف بأن من يجلس بجانبك كل هذه الفترة، هو أكاديمي من الطراز الاول حاصل على الدكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة كبرى في أميركا، ولكنه تواضع وزهد العلماء.
تتم دعوتك لحضور ورشة عمل عن تاريخ المناضلين في المغرب، فتجد من هم إلى طاولة الحوار دكاترة تاريخ لديهم الكثير تضيفه لذاكرتك المعرفية.
تجلس في مطعم يملكه فنان مشهور يحدثك بإسهاب عن المسرح العالمي وشكسبير، مرتدياً (الجلابة) الشعبية المغربية في عصر يوم جمعة.
المثقف المغربي لا يأخذ هذا اللقب مجاملة خاصة في مجتمع لا يرحم... مجتمع عنده من النقد الذاتي ما يفوق الكثير من المجتمعات، وهذا ما يجعل المغرب في مصاف الدول الحيّة، لأن هناك تشخيصاً علنياً ودائماً للمشاكل كافة التي تواجهه وعليه يسهل العلاج، ويكون مثقفهم مثقفاً لايُشق له غبار وليس «مدعي ثقافة».
نعمان لحلو، فنان المغرب الأول، وهو موسوعة ثقافية ذو تعلق ايماني بربه ودينه وقضايا وطنه وأمته وإنسانيته، من النوع الثري معرفياً وتتمنى عندما يتحدث ألا يسكت لما يسرده من جواهر في التاريخ والأدب والحضارة والعقيدة دونما تعصب، وذو حس إنساني تلمسه في ادائه الغنائي واختياره للكلمات التي يكتبها شعراً أو يختارها لشاعر ما...
هذا المبدع أصر على الدعوة لزيارته في إقامته بالمحمدية التي تبعد عن مراكش ما يقارب 250 كيلومتراً. هناك الاستديو والمكتبة الزاخرة بالكتب وصومعة سي نعمان، التي اختارها في المحمدية، هذه المدينة التي تلفها سكينة عجيبة وتطل بحياء على الأطلسي، دعوة من كريم نلبيها للقاء صديقنا الجميل والاطلاع على ما في جعبة هذا الانسان المسلم العربي، الذي صدح بصوته أخيراً «انا غزة... رمز العزة».
المتعة في الرحلة انها تكون في القطار وفي طقس بارد، عندما يتحرك صباحاً ببطء إلى أن ينشط في مواجهة الفضاء الرحب ما بين وديان وسهول وسفوح وسطى، يجبرك على العودة الى أيام خلت ومضت ندمت فيها على عدم التعرف على المغرب مبكراً...
المحمدية بالانتظار ونعمان لحلو، في جعبته الكثير من صفحات ثقافة وعقيدة وشوية شجن... دمتم بخير.
X:@jaberalhajri8
