No Script

من الخميس إلى الخميس

وصفةٌ أمامَ أعيُننا

تصغير
تكبير

ما الذي يجعل كثيراً من شبابنا مُحبطين بل ومقهورين؟ ما الذي يجعل معظم أصحاب القدرات العالية لدينا مُنكسرين؟ هذا هو حالنا اليوم، من الذي ملأ لدينا شواغر المناصب القيادية برجال ونساء لا يملكون قدرات القيادة؟ هذا هو السؤال اليوم.

نحن ما زلنا نعيش في مجتمع قَبَلي وطائفي تتحكّم فيه مقاييس الأسرة والقبيلة والطائفة، هذه حقيقةٌ لا يمكن إنكارها، لن ندخل بوابة التحضر إلّا إذا عاملنا كل كويتي لشخصه، يأخذ ما يستحقه هو بغض النظر عن اسمه وطائفته، متى يحدث ذلك؟ يحدث حين ينتقل إيماننا من لساننا إلى جوارحنا، يحدث هذا عندما نقف أمام صناديق الانتخاب لإعطاء صوتنا لأشخاص لا تربطنا بهم سوى قيم الإصلاح، يحدث هذا حين يتحول قادة الدين والفكر والثقافة إلى قدوات يحتذى بهم.

أما اليوم فللأسف أغلب مَن نراهم من الذين يشتكون مِن الفساد ويتذمّرون من الوضع الحالي هم أنفسهم الذين أعطوا أصواتهم وقت الاختيار لقريب أو من جماعته أو حزبه دون تمحيص؛ اليوم نرى كثيراً من الواعظين والمثقفين الذين يُفترض بهم خلق القدوة الصالحة لم ينجحوا إلّا بمزيد من الإحباط للشباب، فكم من واعظٍ يتحدّث بالمُثُل وحين الاختيار يختار من حزبه وجماعته؛ وكم من مثقفٍ يشدو بقيم العدالة بلسانه ليل نهار وهو أول من يتخطى هذه القيمة العظيمة إذا دعته مصالحه، وقد جاء في كتاب (هكذا حدثنا الزمان) لابن جوزي، عصرنا، الشيخ عائض القرني، وهو يقول: (من علّمته بلسانك لا يتعلّم أبداً، إذ لابد من الفعل مع القول). فكيف يتعلّم شبابنا من ألسُنٍ لا تُتبِعُ قولها فِعلا.

إن الأمثلة على أولئك وهؤلاء كثيرة وعشناها ونعيشها في الواقع اليوم، لذا لم نعد نسأل عن قهر الشباب ولا انكسار المُبدعين، فالعلّة أمامنا والعلاج موصوف لنا ولكن المريض ممتنع عن تناول الدواء.

إن مرضانا اليوم كثيرون وأغلبهم يُنكر عِلّتَه أو لا يشعر بها؛ والكثير منهم يؤيد دعوات الإصلاح ولا يُدرك أنه هو الجزء الأهم في هذه العملية، فلو حرص كل إنسان على نفسه ولم يستهِنْ بها وبدأ بذاته فسوف تكون هذه الخطوة بداية التغيير، ولن تجد موعظةً أكمل في هذا المقام من قوله جلّ وعلا «يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ». سورة الصف 2-3

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي