ولي رأي

محو الأمية الإعلامية

تصغير
تكبير

قال وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد، في رده عن سؤال، عما إذا كانت حكومة العراق آنذاك تمتلك أسلحة دمار شامل قائلاً «هناك أمور نعلم أننا نعلمها، وأخرى نعلم أننا نجهلها، ولكن هناك أمور نجهل أننا نجهلها أيضاً، وان نظرنا إلى التاريخ، سنجد أن تلك هي الأهم».
تغير مفهوم الإعلام اليوم بشكل جذري، فقد كان مفهوم وسائل الإعلام مقتصراً على الصحف والتلفاز والإذاعة. وكان حصراً بيد «النبلاء» ومن ينظر لهم أنهم «علية القوم»، حيث حرص هؤلاء على التحكم بوعي الشعب وابتكار رأي عام يخدم مصالحهم وتجارتهم، فاستخدم الإعلام تاريخياً لشن الحروب، واستعمار الدول، وتكوين صور نمطية عن جماعات مختلفة.

قد تقول أخي القارئ، إن وعي المتلقي ارتقى بشكل كبير، وإن الإستراتيجيات التي كان يستخدمها إعلاميو الأمس باتت قديمة بل و«مفضوحة» ولا يمكن أن تؤثر علينا اليوم، وأن الجميع بدأ يفهم مفهوم «البروباغاندا»، ولكن كما اختلفت سبل التأثير عن طريق وسائل الإعلام، اختلفت الوسائل نفسها، فأصبحت تطبيقات التواصل الاجتماعي هي المنفذ الأول للوصول للمتلقي اليوم، وتم تقسيمها بناء على الجماعات التي تستخدمها سواء كنت مستخدماً للانستغرام أو تويتر (أكس حالياً)، أو تيكتوك الذي اكتسح العالم، فهي جميعاً وسائل إعلام جديدة تم ابتكارها وتطويرها لإبقاء المتلقي على المنصة لأكثر وقت ممكن.
قال النحات الأميركي ريتشارد سيرا، «إذا كان الشيء بلا مقابل، فاعلم أنك أنت السلعة». وعليه نقيس ما تقدمه برامج التواصل هذه. نعم أنها سهلت عملية التواصل بشكل مهول، ولكن أسألك عزيزي القارئ، هل لها مصداقية؟ كيف تدقق خلف تغريدة عابرة رأيتها لمدة ثانية؟ ولكن تأثير هذه الرسائل كبير جداً.
ما قد لا يعلمه المتلقي العادي، تعمل هذه التطبيقات على جمع كل بيانات المستخدمين، سواءً التي يقوم بها في التطبيق نفسه أو خارجها، وتقوم ببيع هذه المعلومات على شركات لإيصال إعلانات مستهدفة لمن يتحلّى بالصفات التي يريدونها.
ولا يقتصر بيع المعلومات لشركات تجارية فقط، فالعديد من السياسيين يقومون بشراء هذه المعلومات لصياغة رسالة مؤثرة تخدم مصالحهم أياً كانت والتأثير على الرأي العام.
فماذا نفعل الآن؟ هل نقاطع جميع وسائل التواصل الاجتماعي؟ طبعاً لا، ولا أحبذ أو أدعو إلى ذلك بتاتاً. ولكن ما يجب علينا فعله هو إيضاح خطورة هذه الوسائل على من لا يعلم حقيقتها، وبالأخص الصغار وكبار السن الذين يتم ترويعهم بمصائب خيالية. يجب علينا أن نمحو الأمية الإعلامية واستخدام هذه الوسائل بما يثري حياتنا لا يعيقها.
إضاءة:
جميع ما يتم نشره عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي يبقى فيها للأبد، حتى وإن مسح الناشر ما نشره وحتى إن مسح حسابه، يبقى في قواعد بيانات يمكن الوصول لها.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي