هدنة غزة لـ «تنظيف البنادق»... ومرشّحة للتمدّد

فلسطينيون يسيرون بين الأنقاض في بيت لاهيا أمس (أ ف ب)
فلسطينيون يسيرون بين الأنقاض في بيت لاهيا أمس (أ ف ب)
تصغير
تكبير
توصّلت قطر، بمساعدة مصر والولايات المتحدة، لدفْع إسرائيل إلى القبول بهدنة موقتة لمدة أربعة أيام، تسمح بتبادُل الرهائن المدنيين من الطرفين وإدخال المساعدات الإنسانية الملحة وتُتيح لعدد من فلسطينيي شمال غزة النزوحَ القسري نحو الجنوب بفعل انعدام سُبل الحياة وقضاء إسرائيل على القطاع الصحي، ولحركة «حماس» تنظيف بنادقها بسبب انعدام الثقة بما تحضّر له دائماً إسرائيل خصوصاً انها لم تُحقق أياً من أهدافها المعلنة.
وبهذه الهدنة، يرتاح الشرق الأوسط لبضعة أيام ويلتقط أنفاسه بعد احتمالٍ وُضع على نار حامية بأن تتدهور الأمور والحرب نحو دول عدة شكلت جبهةً داعمة لغزة، مثل لبنان وسورية والعراق واليمن.
بعد 6 ساعات من تداول الحكومة الإسرائيلية في مقر «الكابينت» حيث توجد الأجهزة الأمنية ووزارة الدفاع وقيادة الجيش ورئاسة الوزراء، أُقرت الهدنة الموقتة التي إعترض عليها وزراء من حزب «العظمة اليهودية» برئاسة ايتمار بن غفير وموافقة الآخرين.

وتنص الهدنة التي صنّفتها إسرائيل بأنها «اتفاق صعب ولكنه الأفضل» الذي يُمكن التوصل إليه، على إطلاق المدنيين من الطرفين، على قاعدة مدني إسرائيلي مقابل ثلاثة مدنيين فلسطينيين.
كما تنصّ على تبادل يومي لعدد محدد من المعتقلين خلال أربعة أيام عن طريق الصليب الأحمر الدولي شرط ان تسمح مصر، بعد موافقة إسرائيل، بإدخال 200 شاحنة (من أصل 500 كانت تدخل يومياً قبل الحرب) وأربع شاحنات من الفيول وأخرى من المواد الغذائية والطبية.
وبمصادقة إسرائيل على 300 اسم فلسطيني مدني، فإن هذا يدل على استعداد تل أبيب لهدنة ثانية تُمدَّد لأربعة أيام أخرى على ان تُطلق دفعة ثانية من المحتجَزين. ويتخلّل الاتفاق توقُّف نهائي للعمليات العسكرية وتوقُّف لحركة الطيران (الحربي والمسيرات) في شكل كامل جنوب غزة ولـ 6 ساعات يومياً فوق شمالها، بالتوازي مع وقف حماس قصفها (لم يتوقف منذ 47 يوماً من الحرب) للمدن الإسرائيلية.
وسيتم السماح للفلسطينيين بعبور آمن على شارع صلاح الدين الذي يصل شمال غزة بجنوبها حيث تقطعه الدبابات في منتصف الطريق على حدود وادي غزة لتخرج العوائل والقافلات الإنسانية التي تحمل مصابين بوضع حرج إلى المستشفيات التي توقفت عن العمل في شمال غزة والذين لم يستطيعوا الخروج على أقدامهم، ولا قبِل الأطباء بأن يتركوهم لمصيرهم تحت سيطرة قوات الاحتلال التي تحتلّ المستشفيات أو تحاصر بعضها كلياً أو دمرت البعض الآخَر لتقضي تماماً على القطاع الصحي وتفرض نزوحاً للسكان لعدم توافر الاهتمام والرعاية الصحية اللازمة في شمال غزة.
من المعلوم في كل حروب إسرائيل، أنها تفرغ ما استطاعت من حقدها وقنابلها على السكان المدنيين في الساعات الأخيرة التي تفصل عن وقف إطلاق النار وتحاول تحسين تمركزها العسكري على أرض المعركة لتحاول المحافظة عليه أثناء توقف الأعمال الحربية.
وهذا طبيعي لعدو غادِر لا يؤمَن الجانب، تماماً كما فعل عام 2014 في حربه على غزة ومحاولته ضرب مدينة رفح والتقدم على جبهتها بعد أسر أحد الضباط الإسرائيليين حادر غولدن الذي قُتل أثناء المواجهة وذلك بعد الموافقة على 72 ساعة وقف إطلاق النار بين الطرفين.
لا يتساءل العالم الغربي إلا عن المحتجَزين الإسرائيليين في يد المقاومة من النساء والأطفال، فإذا استعدّت اسرائيل لإطلاق 300 مدني فلسطيني من النساء والأطفال، ألا يتساءل العالم من أين أتى هؤلاء؟
ألقت المقاومة القبض على مدنيين وضباط وجنود احتياط من النساء والرجال، وهذا معروفٌ حصوله يوم السابع من أكتوبر. ولكن العالم يغفل ان هناك 7000 معتقل فلسطيني، بينهم من طُبق عليهم قانون الانتداب البريطاني عام 1946، باعتقالهم لمدة غير محددة ومن دون سبب ومن غير الحاجة لمثولهم أمام القضاء أو حتى إلقاء التهمة عليهم.
ومع ذلك، فشلت الحكومة العنصرية الإسرائيلية بكسر إرادة الفلسطينيين.
فالسابع من أكتوبر هو يوم انتصار الفلسطينيين بإذلال عدو جبار متعجرف يملك أكثر أدوات القتل والتدمير تقدماً ومدعوماً من أقوى دول العالم وعلى رأسها أميركا، رغم الخسائر البشرية التي أصابت غزة.
ففي 2014، أثناء حرب الـ55 يوماً على غزة، قتلت إسرائيل 1400 طفل وامرأة وكذلك 900 من الشباب وجرحتْ 13.000 شخص. وتالياً، فإن شعب فلسطين تعوّد على القتل ولم يذُق طعم النصر سوى في يوم السابع من أكتوبر.
ولهذا فإن «حماس» تستعد لإعادة تنظيم صفوفها استعداداً لِما يمكن ان يحصل بعد الهدنة أو الهدنات المتعددة، إذا أرادت إسرائيل إكمال هدفها بجرف شمال غزة لأنها لم تستطع تحرير الأسرى والرهائن بالعملية العسكرية ولم تستطع القضاء على حماس.
تحتاج غزة ليتفقد أبناؤها عوائلهم أو مَن بقي بينهم على قيد الحياة وكذلك تفقُّد أقربائهم ورفاقهم. وكذلك يحتاج الدفاع المدني لمعدات ثقيلة لأن الشهداء تحت الدمار يُعدون بالآلاف ويحتاج القطاع لإصلاح الكهرباء وتأمين الفيول لضخّ المياه ولمعدات ثقيلة تزيل الركام.
فقد استخدمت إسرائيل بين 35.000 إلى 40.000 طن من المتفجرات على قطاعٍ صغير دمّرت فيه 44.000 منزل وتضرّر 220.000 منزل آخر، وقتلت أكثر من 13.000 إلى 15.000 غزاوي.
إلا ان هؤلاء يمثلون عدداً قليلاً لا يتعدى واحداً في المئة بين عدد الشهداء والجرحى الذين يُعانون إصابات حرجة. إلا ان إسرائيل ولّدت خلفها الآلاف من الفلسطينيين المستعدين للانضمام لـ «حماس» والمقاومة للإيقاع بإسرائيل في 7 أكتوبر ثان لأن حكومة العدو غير مستعدة لإعادة شبر واحد من فلسطين ولا تعلم معنى السلام.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي