كلمة صدق

أرقام وقصص صحافية

تصغير
تكبير

في أيام الدراسة، وفي إحدى المحاضرات التي تخص أهمية الأخبار ونوع الخبر في الصحف، تقول إحدى اساتذة الصحافة المتميزين في جامعة أريزونا، بأن مقتل ثلاثة أشخاص، أو عشرة أو ألف شخص هي عبارة عن أرقام، لكن على الصحافي أن يبين للمتابع بأن وراء كل رقم قصة إنسان بآماله، وخططه، وأحلامه، وعلاقاته، وروابطه وأحبائه.
في المادة الدراسية نفسها، تشير استاذة الاعلام المخضرمة إلى ان هناك معادلة غير منصفة في تناول أعداد الضحايا وانعكاس هذا العدد على أهمية الخبر في الصحافة ووسائل الإعلام الأميركية، فمقتل جندي أميركي يعادله بالأهمية مقتل عشرة جنود في دول آسيا مثلاً، ويعادله في الأهمية مقتل ضعف هذا الرقم في دول أفريقيا. تكرر استاذة الاعلام بأن هذه المعادلة غير عادلة، لكنها أمر واقع في وسائل الاعلام مع الأسف الشديد.

هذه المعادلة وهذا الواقع المؤسف يجده المتابع واقعاً حياً في التعامل مع الفلسطينيين في أرضهم المحتلة. فالمشاهد والمتابع يرى كيف يتم تخصيص الصفحات وفرد الساعات لسرد القصص الصحافية لمن يدعون أنهم ضحايا من المستوطنين أو المحتلين، فهذه قصة جندي محتل تم أسره من قِبل الفلسطينيين، وعرض صوره مع عائلته واجراء القصص الصحافية الدرامية حوله وتناول محطات من حياته الاجتماعية من عيد ميلاده وقصص سفراته حتى يتعاطف المشاهد مع المحتل وينسى موضوع الاحتلال وتسلط وعنف الجنود ضد أهل الأرض.
في الوقت نفسه، فإن الفلسطينيين وضحاياهم يصبحون أرقاماً عند كثير من وسائل الاعلام الغربية، إلا القليل ممن كان لهم صحوة من ضمير، أو وعي بحقائق الجغرافيا والتاريخ القريب. قتلى الفلسطينيين أصحاب الأرض، ليس وراءهم إلا القليل من القصص الصحافية، هم أرقام تزداد كل اسبوع، ألف، خمسة آلاف، خمسة عشر ألف قتيل، بينهم ستة آلاف طفل ومثلهم من النساء مع الذين تحت الانقاض، انها مجرد أرقام، بانتظار عدهم ورصدهم في موسوعة الجرائم الصهيونية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي