No Script

كلمة صدق

ضحايا غزة وطفلة النابالم العارية

تصغير
تكبير

في ردهة مبنى قسم الإعلام في جامعة أريزونا، بمدينة توسان الأميركية، كانت تعلق على الحائط أكثر الصور الصحافية التي لاقت شهرة وانتشاراً، وكان أكثرها لفتاً للانظار صورة لمن تمت تسميتها بطفلة النابالم وهي تهرول مذعورة مدهوشة وآثار الحروق تنتشر على جسدها النحيل العاري.
هذه الصورة التقطها المصور الصحافي نك أوت، في يونيو 1972، لطفلة فيتنامية تصرخ من آلام قصف النابالم الذي شنته الطائرات الأميركية لتطارد الثوار الفيتناميين الشماليين، في حرب فيتنام. هذه الصورة انتشرت في أرجاء العالم، وأثارت الرأي العام العالمي وحتى الغربي والأميركي ضد حرب فيتنام وما يسقط فيها من ضحايا أبرياء.

لقد تم التقدير بأنه بين العام 1965، والعام 1975، ألقت الولايات المتحدة وحلفاؤها على مناوئيها في فيتنام ولاوس وكمبوديا ما يقدر بسبعة ونصف مليون طن من القنابل، أكثر بمرتين مما ألقته على الخصوم في آسيا وأوروبا في الحرب العالمية الثانية. ولقد كانت بعض هذه القنابل من النابالم الحارق والقنابل العنقودية التي تركت اثاراً مدمرة على الناس هناك لعقود ممتدة. عشرات الطائرات من طراز بي-52 العملاقة تقوم بعملية قصف بطريقة الأرض المحروقة أو القصف البساطي حتى تتمكن من القضاء على ثوار الشمال الفيتناميين.
تشير أرقام الاحصائيات إلى ارقام كبيرة للمدنيين الذين قتلوا نتيجة القصف شبه العشوائي في فيتنام، القصف الذي أدى إلى ازهاق ارواح عشرات الآلاف من المدنيين.
إن تحجج الرئيس جو بايدن، بأن المقاتلين الفلسطينيين يحتمون بالمدنيين لافت للنظر ويعيد للذاكرة صور الفجائع في فيتنام وتبرير قصف القرى الزراعية المأهولة بالمزارعين بقنابل النابالم الحارقة احياناً بحجة مطاردة الثوار الشيوعيين الشماليين.
فهل أن مطاردة الخصم تتيح قتل من حوله من أطفال ونساء إذا كان القتل عبر الطائرات من الجو؟! أليس المقاومون الفلسطينيون للاحتلال مثلهم مثل من سبقوهم بالسعي لطرد الأجنبي من أرضهم، ثوار لهم حواضنهم الشعبية التي يعيشون بينها ويدافعون عنها؟ هل مطلوب من هذه الحواضن الشعبية أن تبرز أبناءها الفرسان في ساحات مكشوفة لكي يعدمهم الأعداء من الجو؟ أم كون الحواضن الشعبية تدافع عن أرضها وتتشبث فيها، فانها تكون مستحقة للقتل من الجو بأطفالها ونسائها؟
المقاتل الشريف لا يقتل المدنيين، المقاتل الذي يقول انه يؤمن بكرامة الانسان وحريته وحقوقه لا يقتل المدنيين من الجو، ومهما يتكبد المقاتل الشهم من خسائر فإن مبادئه تمنعه أن يقتل أطفالاً ونساء في بيوتهم وإن كان بينهم مقاتل مطلوب.
لا شك، ان ما يحصل الآن في غزة عقوبة جماعية للحواضن الشعبية، لشعب يرفض أن يعترف بالاحتلال، شعب يحب أرضه، هي حضن أمه الدافئ يعشقها لا يتخلى عنها. حتى الآن، لوقت كتابة هذه السطور اقترب اعداد الضحايا الفلسطينيين من قصف الطائرات في غزة من ثلاثة آلاف انسان أكثرهم أبرياء نساء واطفال، كل جرمهم أنهم من شعب يرفض احتلال ارضه، يرفض أن يتخلى عن فلسطين المحتلة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي