«الراي» تنشر تفاصيل عن تحركات العميلة السابقة بـ «وحدة 8200»... في لبنان والعراق

كيف دخلت الإسرائيلية - الروسية تسوركوف في «فم الأسد»؟

إليزابيث تسوركوف
إليزابيث تسوركوف
تصغير
تكبير

- ما من أحد مستعجل لرؤية تسوركوف حرّة بالثمن الذي يفرضه الخاطفون في العراق
- خدمت في حرب لبنان الثانية... وتركتْ خلفها آثاراً تجذب أطرافاً عدة إليها
- شقيقتها الصغرى إيما تخدم في وحدة ميكانيكية عسكرية

قالت مصادر مطلعة لـ «الراي»، إن «الجانب الأميركي يسأل عن اليزابيث تسوركوف منذ اختفائها في مارس الماضي في بغداد من دون أن يُظْهِر اهتماماً غير عادي بها أو أنه يعمل على إطلاقها بأي ثمن، وتالياً من المتوقع أن تبقى لفترة طويلة بعد دخول مفاوضين على خط المسألة أصبحوا على دراية بالمطالب التي يريدها الخاطفون من إسرائيل المعنية مباشرة بها.

وأشارت المصادر إلى أنه «يبدو أن ما من أحد مستعجل لرؤيتها حرّة بالثمن الذي يفرضه الخاطفون، أي أن كلا الطرفيْن غير مستعجليْن، في الوقت الذي يمكن القول إن الإسرائيلية تسوركوف تصرفت بغباء شديد وكأنها تدعو أي طرف لخطفها وبثقةٍ مفرطة بعدما تركتْ خلفها آثاراً تجذب أطرافاً عدة إليها».

وكانت الإسرائيلية تسوركوف، وهي من عائلة روسية يهودية مهاجرة (تحمل الجنسيتين)، خُطفت في العراق قبل أشهر، وهو الأمر الذي انكشف بعدما أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو انها «بصحة جيدة» وانها خُطفت من قبل«كتائب حزب الله» العراقية.

ولمحت المصادر المطلعة إلى أن «تسوركوف، ورغم قدومها إلى العراق بجواز سفر روسي وادعائها أنها روسية، كانت أعلنت بنفسها أنها خدمت في جهاز الاستخبارات العسكرية، وحدة 8200 المتخصصة بالعمليات الخفية والاعتراض اللاسلكي والسلكي والتشفير وأمن البيانات، ولم تتّخذ أي تدبير لإخفاء الآثار التي خلّفتْها وراءها والتي تدلّ على إنها إسرائيلية. وهذا يؤشر إلى استخفافها بالأجهزة الأمنية التي رَصدت تحركاتها وتتبّعتْ أصولها ونشاطها الاستخباري السابق».

ويُحظر على جنود وحدة الإستخبارات الإسرائيلية في سلاح الإشارة، التعريف عن أنفسهم على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه يبدو أن جميع المسرَّحين من هذه الوحدة يخالفون الأوامر للبحث عن عمل في القطاع الخاص، الذي يقدم لهم فرص عمل بربح أكبر بكثير مما يقدّمه الجيش الإسرائيلي.

ولم تكتف تسوركوف بالقول إنها كانت في وحدة استخباراتية بل كشفت أنها خدمت في حرب لبنان الثانية عام 2006، وأن شقيقتها الصغرى، ايما، ما زالت تخدم في وحدة ميكانيكية في الجيش.

كذلك تحدثت إليزابيث على حسابها الخاص في «تويتر» عن أنها ترفض أن يتم التفاوض لإطلاق سراح أي مخطوف حتى ولو كانت هي نفسها.

جميع هذه الوقائع تبدو غير مثيرة في حال كانت الإسرائيلية - الروسية موجودة في أميركا أو أي دولة غربية أو غير معادية لإسرائيل.

إلا انها بدأت بالسفر إلى سورية (مناطق خارج سيطرة دمشق) ومن ثم ذهبت مراتٍ عدة إلى العراق، بدايةً إلى كردستان حيث لا مساءلة لمَن يحمل الجنسية الإسرائيلية، ظاهراً أو خفية.

لكن سفرها المتعدد إلى لبنان وبغداد والنجف ومناطق جنوبية أخرى في العراق، رفع مستوى الشكوك لدى جهات عدة مُتابِعة لحركة المسافرين من الدول المعنية وإليها.

ومن المعلوم أن وجودَ امرأة تحمل جواز السفر الروسي - تتحدث العربية وتقول إنها باحثة في جامعة برنستون الأميركية وتُجاهِرُ بعدائها لحكومة دمشق ولروسيا وتكشف عن خدمتها العسكرية الاستخباراتية وأنها ما زالت ضمن وحدة الاحتياط - لا بد أن يثير ريبة الجهات العراقية، خصوصاً أن البلاد منقسمة بين مَن يكنّ الولاء لأميركا ومَن يكنّ العداء الشديد لها.

وبدخولها المناطق الشيعية التي توجد فيها أحزاب وجهات مسلَّحة، هي جزء من مقاومة الوجود العسكري الأميركي، فلا بد ان اليزابيث قدّمت نفسها لتُخطف طوعاً أو انها كانت بعيدة عن أي حس إستخباراتي أو أمني من المفروض ان تكون قد خَبِرَتْه من خلال عملها السابق.

فقد تركت تسوركوف آثاراً عدة خلفها كان من المستحيل على أي جهة أمنية ألا تتلقّفها وتعمّق البحث عن وجودها في بلاد الرافدين، أو على الأقل الاستفادة من وجود عنصر سابق - حسب الظاهر - من الاستخبارات الإسرائيلية.

وتالياً فقد قدّمت نفسها على«طبَق من ذهب» إلى «محور المقاومة» كما فعل في الماضي العقيد الإسرائيلي السابق الحنان تننباوم الذي ألقى «حزب الله» القبض عليه (في ظروف مختلفة) وجرتْ مبادلته بمئات الأسرى الفلسطينيين واللبنانيين.

إذاً فإن تسوركوف «بخير»، كما يقول نتنياهو، لأن من مصلحة الخاطفين التأكيد على «وحدة الجبهات والمحور» والعمل على إطلاق العدد الأكبر من الفلسطينيين المحتجزين، بالإضافة إلى مطالب أخرى لم تُعلن لغاية اليوم.

إلا أن حكومة نتنياهو تضمّ صقور اليمين المتطرّف الذين لا يفاوضون على إطلاق سراح الفلسطينيين المعتقلين ولا يريدون لأي تنظيم في «محور المقاومة» تأكيد اللُّحمة والعمل على تقارب القضية الفلسطينية بجبهاتها المتعددة.

إذ ما زال هناك إسرائيليان على قيد الحياة، هما أبراهام منغيستو وهشام السيد وكذلك رفات الجندييْن أورون شاؤول وهادار غولدين اللذين قُتلا في حرب غزة في صيف 2014 في عهدة حركة «حماس» من دون أن تقبل إسرائيل بشروط إعادتهم.

لذلك من الممكن أن يطول جداً غياب إليزابيث، خصوصاً إذا لم تتوافر رغبة لدى الطرف الإسرائيلي باستعادتها. بل إن إسرائيل تطلب من روسيا التدخل.

لكن دَعْمَ تل أبيب أوكرانيا بالسلاح والاستخبارات والديبلوماسية، يجعل شهية موسكو لتقديم خدمةٍ لنتنياهو مفقودةً في الوقت الراهن. وهذا يعني أن تسوركوف قد تكون رمت بنفسها في فم الأسد بتهوُّر لتقول له... افترِسني.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي