No Script

السباق الرئاسي يزداد حدة في سياق الصراع على الهوية التركية

أردوغان يتحضّر لقطف ثمرة الانتصار الأكبر على قليجدار أوغلو!

سيدتان تركيتان تمرّان بالقرب من لوحات انتخابية لأردوغان في إسطنبول	 (رويترز)
سيدتان تركيتان تمرّان بالقرب من لوحات انتخابية لأردوغان في إسطنبول (رويترز)
تصغير
تكبير

تحتدم المنافسة على الرئاسة في تركيا، مع اقتراب موعد جولة الإعادة، بين الخصمين، الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان وزعيم المُعارضة كمال قليجدار أوغلو، وهي الانتخابات الأولى في تاريخ تركيا التي لم يفز فيها أي مرشح رئاسي من الجولة الأولى، ما يزيد السباق حدة في سياق الصراع على الهوية التركية، ليختار السكان بين العلمانية و«الأردوغانية»، يوم الأحد المقبل.

كلا المرشحين يحاولان كسْب ناخبين جدد أو مَن امتنع عن التصويت في الجولة الأولى، إذ يتمتّع أردوغان بفرصة أكبر حيث يحتاج إلى أقل من نقطة واحدة للفوز، إذا بقيت الخريطة الانتخابية على حالها.

ورغم أن قليجدار أوغلو يواجه موقفاً معقّداً، فقد تبنّى خطاباً مدروساً أكثر لمواجهة اتهامه بـ «التحالف مع الإرهاب» الذي وجّهه إليه أردوغان، ولا سيما في ما يتعلق بتحالفه مع حزب الشعب الديموقراطي الكردي، بينما أصوات المرشح القومي سنان أوغان مشكوك فيها بالغالب، ما يدفع زعيم المعارضة إلى البحث عن طريق ثالث، بين الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية...

إلا أن كل الدلائل تشير إلى فوز سهل لأردوغان وصعب لقليجدار أوغلو.

في الجولة الأولى، حصل أردوغان على 27 مليوناً و133 ألف صوت (49.52 في المئة)، بينما حصل قليجدار أوغلو على 24 مليوناً و600 ألف صوت (44.88 في المئة)، بفارق نحو مليونين ونصف المليون صوت.

وحصل أوغان على مليونين و830 ألف صوت (5.17 في المئة)، فيما حصد محرم إنجه الذي انسحب قبل أيام قليلة من الجولة الأولى، على 235 ألف صوت (0.43 في المئة).

ورغم أن عدد الذين امتنعوا عن التصويت في الجولة الأولى، نحو ثمانية ملايين و300 ألف، تبيّن أن عدد الأصوات الملغاة ناهز المليون. أما عدد الناخبين الجدد في الجولة الثانية، فهو نحو 48 ألفاً.

وسيعمل المرشحان على كسب الذين امتنعوا عن التصويت في الجولة الأولى أو الذين ألغيت أصواتهم أو الذين اختاروا أوغان. ورغم الانقسام داخل تحالفه، اختار أوغان دعْم أردوغان، ما يهدد وحدة تحالف «آتا» وفرص نجاح قليجدار أوغلو الضئيلة أصلاً.

وحتى لو أراد أوغان، منْع ناخبيه من دعم قليجدار أوغلو وتجيير أصواتهم إلى أردوغان، فليس من المؤكد أن لديه سلطة كافية على 5.2 في المئة ممن صوّتوا له في الجولة الأولى.

وتركّز المعارضة على نسبة المشاركة المخفوضة نسبياً في 19 محافظة ذات غالبية كردية - فاز قليجدار أوغلو بـ 14 منها - ما يشير إلى أن زيادة الإقبال في هذه المحافظات على الانتخاب تساعد زعيم حزب الشعب الجمهوري العلماني.

ولذلك تراهن المعارضة على تكثيف الحزب الكردي حملته في الجولة الثانية لإسقاط أردوغان، الذي بدوره يركّز على الظهور التلفزيوني والزيارات للمناطق المنكوبة بالزلزال، لشكرها على دعمها الكبير في الدورة الأولى، وعلى إقامة مهرجانات في المدن الكبرى، مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير، التي دعمت خصمه.

وشدد أردوغان في خطاباته على الاستقرار والاندماج الاجتماعي والإنجازات التي تحقّقت في صناعة الدفاع وإجراءات الإغاثة الاقتصادية. وهو بحَكَمَ منذ نحو 20 عاماً، وصوّت الأتراك له في المقام الأول بسبب قدرته على تعزيز الاقتصاد المحلي.

إلا أن كلاً من أردوغان وقليجدار أوغلو يدركان المخاوف الاقتصادية المُلِحّة للشعب، والتي أصبحت القضية الأولى لكثير من الناخبين، حيث يؤثّر ضعف العملة وارتفاع التضخم على سبل عيشهم. ومع ذلك، لم يقدم أياً منهما خطة شاملة وعملية لمواجهة التحديات الاقتصادية.

أما نتائج الجولة الثانية، فلن تكون مفاجئة بسبب عوامل عدة، تبدأ بحقيقة أن أردوغان له اليد العليا على خصومه في البرلمان. واحتفظ «التحالف العام»، الذي شكّله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة الوطنية، بالغالبية بعدد 322 نائباً.

ومع ذلك، فقد ظلّ دون عتبة 360 نائباً اللازمة لطرح مشروع قانون للاستفتاء، و400 نائب، أو ثلثي الأعضاء، المطلوبين لتعديل الدستور في البرلمان.

أما التحالف الوطني، فقد فاز بـ 212 نائباً من إجمالي 600.

وبالتالي، حافظ البرلمان التركي إلى حد كبير على خريطة السيطرة الحالية، حيث لم تحرز المعارضة التقدّمَ الذي كانت تأمل فيه لبلوغ الغالبية.

وحقق التحالف الشعبي، المكوَّن من حزب العدالة والتنمية والحركة الوطنية، تقدُّماً عكْس استطلاعات الرأي التي أعطتْه نسبة أقل مما فاز به. ومع ذلك، فقد ظل متراجعاً عما فاز به في انتخابات 2018.

وحصل «تحالف القوى» على 49.48 في المئة من الأصوات، مقارنة.

بـ 53.97 في المئة في عام 2018.

وفاز «التحالف الوطني» المكون من أحزاب المعارضة (الطاولة السداسية) بنسبة 35.51 في المئة، مقابل 33.95 في المئة عام 2018.

وحصل حزب العمل والحرية، المؤلَّف في شكل أساسي من حزب اليسار الأخضر الكردي (حزب الشعب الديموقراطي) وحلفاؤه، على 10.43 في المئة، مقابل 12 في المئة في البرلمان السابق.

وترمز المعركة بين أردوغان وقليجدار أوغلو، إلى صِدام بين الشخصيات، والتنافس بين الأيديولوجيات والرؤى المختلفة لمستقبل تركيا.

وأثارت هذه المنافسة صراعاً حاداً على الهوية، حيث قسمت السكان بين أولئك الذين يميلون إلى العلمانية وإرث مصطفى كمال أتاتورك، وأولئك الذين يتعاطفون مع أردوغان، كرمز للقِيَم الإسلامية.

ستحدد النتيجة بعد أيام قليلة، ليس فقط هوية الرئيس المستقبلي، بل أيضاً المسار الذي ستتخذه تركيا في القضايا الحاسمة، مثل الديموقراطية وحقوق الإنسان ودور الدين في الحياة العامة والعلاقات الإقليمية والدولية وبالأخص التوازن بين القوى العظمى.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي