No Script

رؤية ورأي

تكفير الناس بالديموقراطية

تصغير
تكبير

نحن الكويتيين متفقون على وجود مساعٍ قديمة متجدّدة لتكفير الناس بالديموقراطية، ولكنّنا مختلفون في تحديد وتسمية الأطراف الساعية، بل نحن متناقضون في تسميتهم. فحماة الدستور الشرفاء – في نظر البعض – هم الشركاء في تكفير الشعب بالديموقراطية، وفق منظور البعض الآخر. وقد يكون هذا التناقض في تحديدهم وتسميتهم، هو أحد الأسباب الرئيسة لاستمراريّة تلك المساعي على مدى السنوات الطويلة من دون محاربة مؤثرة ومكافحة مثمرة. لذلك أدعو إلى تقييم السيرة السياسية للنواب والمرشحين، بتجرّد وموضوعية، لكي نشخّص بدقّة علاقتهم بمخطط تكفير الشعب بالديموقراطية، وتباعاً مواجهة المشاركين منهم في المخطط ومحاسبة المتقاعسين عن التصدّي له.

بسبب التباين الشديد في تشخيص المشهد السياسي، الكثير من الأسئلة التي يفترض أنها كاشفة الساعين لإجهاض مسيرتنا الديموقراطية، لم تكن وليست كافية لفضحهم. ومن بين هذه الأسئلة، من الذي شوّه وحاول إفشال التجربة الديموقراطية الكويتية؟ من كان يتصدّى لفساد الحكومة أم من كان يحصّنها؟ من كان يسعى إلى تشريع القوانين أم من كان متفانياً في عرقلة الجلسات؟ من عاون الحكومة في رفع الجلسات التي غابت عنها أم من أصرّ على انعقادها؟

في المقابل، مهما اختلفنا في التشخيص السياسي، ينبغي أن نتّفق في إدانة من اشتطّ في رفع سقف آمال المواطنين بموسم الانتخابات ثم خذلهم في الميدان النيابي الذي توافرت فيه المقوّمات المثالية للإنجاز. وكذلك يجب أن نتّفق في الاستنكار على من تكسّب انتخابياً على آلام ومعاناة الشعب ثم اقتصرت إنجازاته البرلمانية على إطاحة قيادات سياسية ثم تحصين بدلائهم المماثلين لهم في المنهج. وأيضا نتّفق في شجب من يتبنّى الازدواجية في القيم والمبادئ والمفاهيم ومن يمارس الانتقائية في التطبيق. فهؤلاء جميعهم مشاركون في تكفير الشعب بالديموقراطية الكويتية.

فعلى سبيل المثال، من كانوا يَعُدّون الأيّام منذ انطلاق الحملة الوطنية لإسقاط القروض، وشاركوا في الانتخابات السابقة بحماس، معلّقون آمالهم على مرشحين أعلنوا أولوية إسقاط القروض، ثم بعد أن تجاوز عدّاد الأيام 1500 يوم، تفاجأوا أن هذه الأولوية تهاوت إلى ما دون قاع قائمة أولويات هؤلاء المرشحين الذين أصبحوا نوّابا في مجلس 2022؛ هل بيننا من يعتقد أن هؤلاء المعسرين والمتعثّرين سوف يشاركون في الانتخابات المقبلة؟ أو إذا شاركوا هل ستكون مشاركتهم سوية متسقة مع الديموقراطية؟

إسقاط القروض، مجرد قضيّة واحدة من حزمة القضايا التي تخلّى عنها معظم نوّاب المبطل الثالث، وفق تكتيك حفظ لهم مصالحهم الانتخابية، ولكن من دون أي اعتبار للرأي العام ومن دون مراعاة لتبعات هذا التخلّي والتخاذل على نفسيّة الشعب وارتباطه بالممارسة الديموقراطية.

كان ينبغي على هؤلاء النوّاب مصارحة الشعب حول أسباب تبدّل مواقفهم وتخلّيهم عن المبادئ والأولويّات التي تعهّدوا بتبنّيها. وأخص بالذكر منهم، النوّاب الذين طالبوا الحكومات بالشفافية، والذين ناشدوا الديوان الأميري نشر تسجيلات أو مضبطة جلسات الحوار الوطني، وغيرهم... فلا ديموقراطية بلا شفافية.

لذلك، هؤلاء النواب مطالبون اليوم – خلال موسم الانتخابات الحالية – بالتصريح علناً، وليس بالخفاء في الدواوين، حول مبرّرات انقلاب مواقفهم في القضايا المبدئية وذات الأولية، وأسباب هشاشة معارضتهم تعطيل جلسات البرلمان، لعلهم بذلك يخفّفون الصدمة على البعض ويجدّدون الثقة بمنظومتنا الديموقراطية لدى البعض الآخر، لكي يتراجع هؤلاء المحبطون عن قرار مقاطعة الانتخابات المقبلة.

ما الذي يمنع تكرار سيناريو المجلس المبطل الثالث في مجلس 2023 المرتقب؟ حكومة تعطّل جلسات المجلس ونوّاب «شرفاء» يكتفون بانتقاد الحكومة خفية في مجالس خاصة. كيف نعالج حالة الإحباط العام ونجدد آمال الشعب في الإصلاح، و«الشرفاء» مازالوا يحصّون الحكومة ورفاقهم المتخاذلين حتى في موسم الحملات الانتخابية؟! أجواء انتخابية غريبة لم نشهدها حتى في انتخابات المجلس الوطني... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي