No Script

كلمة صدق

الجنسية الكويتية وطبقة المنبوذين

تصغير
تكبير

قبل عشر سنوات كان هناك مقترح لتوحيد الجنسية شكلياً تقريباً بين من هم مادة أولى وهم كويتيون بصفة أصلية وبين أبناء وأحفاد المتجنسين من الكويتيين الذين هم أيضا كويتيون بصفة أصلية. للأسف هذا القانون تم رفضه من قبل اللجنة التشريعية في مجلس الأمة انذاك وليتحمل أغلب أعضاء اللجنة ومنهم حقوقيون وأكاديميون ورجال دين المسؤولية الأخلاقية في التمييز بحق أبناء وأحفاد المتجنسين لحقب آتية غير معلوم مداها.

تحت عنوان «توحيد الجنسية وطبقة المنبوذين» تم نشره في صحيفة «الراي» في أكتوبر عام 2013، أورد كاتب هذه السطور هذه المقدمة لمقاله «كان هناك في الهند نظام اجتماعي طبقي وضع فئة من الشعب في أسفل الهرم الاجتماعي، حتى أصبحت هذه الطبقة من المنبوذين، لا يمكنهم عبر مئات من السنين أن يرتقوا عن الأعمال المتدنية إلا ما ندر لأنهم طبقة وضعت أسفل الهرم وفق تقسيم ديني هندي»، ثم تسائل الكاتب هل تريد اللجنة التشريعية عبر رفض توحيد الجنسية بين أبناء المؤسسين وأبناء وأحفاد وأولاد أحفاد المؤسسين وهم كلهم كويتيون بصفة أصلية، هل كانت تنوي اللجنة التشريعية في ذلك الوقت ابقاء أبناء وأحفاد الكويتيين طبقة مثل الطبقة المنبوذة بالهند لا يمكن لها أن تعدل وضعها مع مر العصور؟!

المشرع الكويتي حين وضع قانون الجنسية الأول كان له رؤية عميقة، تأخذ بالحسبان حق الدم وحق المواطنة بالإقليم أو مسقط الرأس وحق الخدمات الجليلة، ليصبح ابن المتجنس وفقاً لشروط معينة كويتياً بصفة أصلية، لتزيل الفوارق مع مرور الزمن بين أبناء الوطن.

يقول استاذ القانون الدولي الخاص الدكتور حسن الرشيد، «إن الجنسية الأصلية ليست محصورة على من يتجنس وفقاً للمادة الأولى، بل على العكس من ذلك تماماً، من يحصل على الجنسية وفقاً للمادة الأولى (تأسيس) تكون جنسيته مكتسبة وليست أصلية من الناحية الفلسفية للجنسية الأصلية التي يجب أن تكون بالميلاد، ولكن بسبب الطبيعة الاستثنائية لجنسية التأسيس تم اعتبار هذه الجنسية أصلية ليتمتع الحاصلون عليها بميزات الجنسية الأصلية».

ثم يكمل الرشيد قائلاً «أما جنسية أبناء المتجنس كأصل عام تعتبر جنسية أصلية وذلك لأنهم ولدوا لأب كويتي»، ذلك وفقاً للمادة الثانية من قانون الجنسية الذي ينص على أن كل من ولد لأب كويتي بعد حصول والده على الجنسية الكويتية فهو كويتياً بصفة أصلية.

نعم، ليس معقولاً ترك فئة من الشعب منقوصة المواطنة جيلا بعد جيل، فالوطن والمواطنة ليسا تركة بل هما مرتبطان بعطاء وبذل وانتماء وخدمة للوطن والانتماء للأرض والولادة فيها، ثم أجيال تولد فيها هنا يكون حقاً كونياً عاماً أن يكون أبناء هذه الأرض مواطنين كاملي الحقوق فيها.

الآن، كل ما سبق من كلام ومن جدل أخذ عقوداً حول هذا الموضوع هو كلام مكرر، لكن تساؤلات عديدة تطرح نفسها الآن، فلماذا بين فترة وأخرى يتم إشعار فئة كبيرة من الكويتيين أباً عن جد تواجدوا على أرض الكويت مع أبائهم لقرن من الزمن أحياناً، لماذا إشعارهم بالنقص في مواطنتهم؟ هل الهدف التضييق على جزء من الشعب وانتقاص مواطنته حتى لا ينتقد الفساد ولا يحاول الإصلاح في بلده، ويجلس مقبلاً يده بطناً وظهر بأنه أصبح كويتياً جوازاً؟

أم ان طرح هذا الموضوع بين وقت وآخر هدفه ألّا يفكر أبناء وأحفاد المتجنسين أن يتولوا مناصب قيادية أو أن يأخذوا دوراً سياسياً وليساهموا في عملية البناء والإصلاح في البلد ومحاربة المفسدين؟

هل الانتقاص من كويتية أبناء وأحفاد أحفاد الكويتيين هدفه التغطية على ما سمعه الأجيال وما تتناقله الأحاديث من عمليات تزوير وتجنيس سياسي؟

إن الأمم والحضارات تقوم وتنهض عندما تذيب أبناءها عبر الوقت في بوتقة الوطن والأمة، إذابة الفوارق بينهم وتأهيل الجميع عبر فترة زمنية محددة لأخذ دورهم في المساهمة في بناء الأمة، وليس الأمة التي تقسم المجتمع إلى طبقات وفئات في طريقة طبقية عنصرية متحجرة.

المؤسف أن يتم سلباً طرح الموضوع وإثارة الجدليات حوله من شخصيات أكاديمية وحقوقية مفترض أنهم أكثر الناس دراية بالحقوق بشكل عام، وعلى دراية بحق الدم والخدمة الجليلة وحق الإقليم، الحقوق التي تجتمع كلها معاً في أبناء وأحفاد المتجنسين.

ثم إن القول الأخير موجه لمن يريد أن يصنف المجتمع مستشعراً الأمان من التمييز، القول الفصل وحسب مقولة الثور الأبيض «أنا أكلت يوم أكل الثور الأسود».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي