ما في خاطري

شواهد مراهق سابق

تصغير
تكبير

وأنا في سن الرابعة عشرة وفي عيادة دكتورة الحساسية بالتحديد، كنت مصطحباً معي أشعة الجهاز التنفسي الخاصة بي حيث انني في تلك الفترة كنت أعاني من مشكلة الربو وكان شديداً عليّ في تلك السنة، وكان والدي، حفظه الله، بصحبتي في العيادة لمتابعة حالتي، وبعدما تمعنت الدكتورة بالأشعة الخاصة بي ذكرت لنا ان جهازي التنفسي يعاني من التهاب، فسألتني الدكتورة أمام والدي وبشكل مفاجئ هل أنت ممن يدخن بشراهة؟ فأبتسمت وأجبت بكل ثقة قائلاً: لا يادكتورة لست مدخناً، فرمقني والدي بنظرة جادة قائلاً: عبدالعزيز إذا كنت تدخن أبلغ الدكتورة لكي نعالج مشكلتك الصحية، فأجبت قائلاً: أبي أنا لا أدخن وأنت تعرفني جيداً، وانتهى هذا الموقف بصرف الأدوية المناسبة من قِبل الدكتورة.

وبعد خروجي مباشرةً من العيادة أسرعت بسؤال والدي عما دار في غرفة الدكتورة وعن جدية سؤاله، فرد عليّ قائلاً: أنا كنت خائفاً أن تكون قد تخفي عني هذا الأمر الذي قد يؤثر على صحتك مستقبلاً وأنا حينها كنت منفتحاً لسماع أي إجابة، فهذا أمر يحصل مع العديد من الشباب، فمواجهة هذا الأمر بالصراحة أفضل بكثير من تخبئته والهرب منه وعدم معالجته، وهذا الرد لم أفهمه جيداً إلا عندما كبرت وتعديت مرحلة المراهقة.

فالمراهق يمر بمحطات عديدة ومختلفة في فترة قصيرة من الزمن، فعلى سبيل المثال قد ترى بعض المراهقين يقرر أن يتديّن فجأة وهذا أمر محمود ولكن بعد فترة قصيرة تراه يتغير فيتجه لاتجاه آخر، وهذه سيكولوجية المراهق فهو يبحث عن ذاته ويجرب العديد من الأمور حتى ينضج ويكبر ويصل لمرحلة الاستقرار والتوازن، وأحياناً يكون دافع المراهق وراء بعض التصرفات الغريبة التي يفعلها هو لفت الأنظار وطلب الاهتمام بشكل غير مباشر، وهذه الأمور يجب أن يتفهمها كل الآباء والأمهات، فالمراهق يبحث عن الاحتواء وعن طريقه تستطيع بها كسبه ومعرفة أسراره المخفية التي قد يكون بعضهاً ضاراً على حياته سواء على الصعيد النفسي أو البدني، والاحتواء لن يتحقق ما دام بعض الآباء والأمهات يصرون على اتباع أسلوب التحقيق مع المراهق والانتقاد الدائم له فيؤدي هذا الأمر إلى هروبه بحثاً عن المؤيدين والمهتمين له خارج البيت، وهذا أمر غير صحي قد يؤثر على سلوكياته وأفكاره.

ان الوقت الذي نعيشه والمؤثرات الكبيرة التي حولنا تحتم علينا ان نجتهد ونتعلم طرق التعامل مع ابنائنا، فالعالم أصبح مكشوفاً امامهم والأفكار والمعتقدات الغريبة والشاذة تصل لابنائنا في هواتفهم الخاصة بكل سهولة، ولذلك يجب ان نشبع أفكارهم وعقلياتهم بالعديد من الركائز الاخلاقية السليمة عن طريق مصاحبة المراهق واحتوائه ومصارحته ومناقشة صراعاته النفسية وافكاره باستخدام الخطاب العقلي البعيد عن الوعظ المباشر، والابتعاد عن النقد اللاذع واحراجه وتجريحه والإساءة لشخصه.

Twitter: @Alessa_815

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي