No Script

رؤية ورأي

حتى لا ننسى الأربعين ألف غاش

تصغير
تكبير

شاهدت قبل أيام على القناة الأولى في تلفزيون الكويت، حلقة برنامج «ديوانية التلفزيون» حول الغش في المدارس، التي استضيف فيها المديرة السابقة لمناطق تعليمية بوزارة التربية الأستاذة/ يسرى العمر، وأمين سر الجمعية الكويتية لجودة التعليم الأستاذ/ هاشم الرفاعي.

اللقاء كان بمثابة محاولة عبر تلفزيون دولة الكويت الرسمي لتجديد الزخم الإعلامي المطلوب لمكافحة ظاهرة الغش بالمدارس. ذلك الزخم الذي تشكّل بعد أن نشرت إحدى الصحف اليومية في صفحتها الأولى أن التحقيقات الأولية في قضية تسريب اختبارات الثانوية العامة أمام النيابة العامة كشفت عن تورط نحو 40 ألف طالب.

ردود الفعل النيابية على الخبر الكارثي كانت متفاوتة، بين نائب أكاديمي طالب علناً بإقالة وكيل وزارة التربية والوكلاء المساعدين وبين نائب أكاديمي شكّك في مجالس خاصة بصحّة المعلومات المنشورة، معتبراً نشر الخبر محاولة لإشغال الشارع عن مشروع الإصلاح السياسي المزعوم.

وبعد مرور ما يزيد على 45 يوماً على نشر الخبر، تلاشى الزخم النيابي (الأكاديمي وغير الأكاديمي) والإعلامي (التقليدي والافتراضي) المطالب بمكافحة الظاهرة، فكان لا بد من إحيائه، فجاء هذا اللقاء الذي أُكّد في جانب منه على فداحة الظاهرة، واقترح في جانب آخر منه بعض الحلول الناجعة لمكافحتها.

في الجانب الأول، بيّن الرفاعي أن الجمعية الكويتية لجودة التعليم تقدّمت في سنوات سابقة ببلاغين إلى النيابة العامة بعد أن وصل إلى بعض أعضائها إجابات أسئلة اختبارات الثانوية العامة قبل موعد بدئها بربع ساعة، ولكنها حفظت هذين البلاغين بعد التحقيق مع القائمين على الاختبارات، الذين شدّدوا على أن الغش في الاختبارات حالات فردية محدودة النطاق.

كما أكّدت العمر – بصفتها أحد القياديين السابقين المشرفين على الاختبارات على مدى عشرين سنة – أن الغش في المدارس ظاهرة مستفحلة، لأنه ممارسة مزمنة تفاقمت إلى الغش الجماعي المنظّم منذ سنوات بعيدة. وأشارت إلى أن أحد وزراء التربية السابقين شاهد بنفسه – أثناء زيارة مفاجئة – حالة غش جماعي في احدى المدارس. وذكرت أن هذه الظاهرة استفحلت أكثر نتيجة للتطوّر في تقنيات التواصل، وتحديداً سماعات الغش. وأضافت أن نسبة التسرب المهولة من الجامعة والبعثات الخارجية – بعد مرور سنة واحدة على الالتحاق – دليل آخر على استفحال ظاهرتي الغش والتفوق الوهمي.

وأما على الجانب الثاني، الحلول الناجعة، فاقترح الرفاعي أن تُعد الاختبارات من نماذج عدّة من دون علامات فارقة بينها، وتوزع عشوائياً على الطلبة. وبالطبع، هذا الاقتراح لن يمنع استعمال سمّاعات الغش تماماً، ولكنه سوف يقلل كثيراً عدد المستفيدين منها، فضلاً عن أنه قد يكشف حالات غش عندما تكون مجموعة من الإجابات خاطئة، ولكنها صحيحة لأسئلة نموذج آخر.

كما اقترح الضيفان استحداث اختبارات وطنية لقياس التحصيل الدراسي لدى خريجي الثانوية العامة الراغبين في مواصلة دراساتهم – على غرار الاختبارات المطبّقة في عدد من دول المنطقة – بحيث تكون نتيجتها معياراً أساسياً في تحديد الأولوية في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي المحلية والخارجية. وهذا الاقتراح جيد من حيث المبدأ، لكون جهة التقييم مستقلّة عن جهة التعليم، ولكنه معرّض أيضاً للانتهاك بواسطة سمّاعات الغش.

وكذلك اتفق الضيفان على ضرورة أن تكون خارطة الطريق لمكافحة ظاهرة الغش متكاملة، غير مقتصرة على إجراءات التقييم. بحيث تشتمل على مرحلتي ما قبل وما بعد التقييم. فعلى سبيل المثال، هناك حاجة لتطوير المناهج التربوية، وتقابلها حاجة لاعتماد رخص المهن كرخصة المعلم، بحيث يلزم الخرّيج المهني باستخراج رخصة مزاولة مهنته ويلتزم بتجديدها بوتيرة محدّدة حسب التخصّص... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي